اللمحة فيستشرق لها وجهه فرحا وتغضبه الكلمة فيستطير من أجلها سفها حتى يظلم لها وجهه وتضطرب لها فرائصه وإنما هي كلمة لم تعد قائلها إلى المشتوم بها ولكنها أزرت بقائلها وأوجبت السفه عليه في آخرته واستخف بنفسه ولم تضر من أسمعها في دين ولا دنيا فقائلها والله يستحق أن يرحم لما قد أنزل بنفسه ووضع من قيمته وقدره وعصى بها ربه وعلى المشتوم بها الشكر لله إذ لم يسلمه الله ولم يخذله حتى يصير مثل حال شاتمه مع ما قد صار له من التبعة في رقبته يأخذها منه في يوم فاقته وفقره وأول ما يرث المريد العارف بربه معرفته بدائه ودوائه في عقله ورأيه والسليم القلب المتيقظ عن ربه الغافل عن عيوب العباد المتفقد لغيوب نفسه أنس المريد الوحشة من العباد مع دوام الذكر لله بقلبه وأكرم أخلاق المريد إكرامه نفسه عن الشر ودناءة الأخلاق وعظيم الهمة بالظفر بما يرضى الله ويطير معه النوم ويقل معه النسيان ومن صدق العالم في علمه اهتمامه بمعرفة معاني الزوائد ليقوم لربه بحسن الرعاية وطلب الصمت مع الفكرة والأنس بالعزلة يبعث على طلب معاني الحكمة ودوام التوهم بنظر القلب إلى شدائد القيامة يزول به السرور بالدنيا ويورث القلب الإنكسار والبكاء به ويعمل على الإستعداد للعرض الأكبر والسؤال الأعظم .
أخبرنا محمد بن أحمد في كتابه أخبرني أحمد بن عبدالله بن ميمون قال قال الحارث بن أسد أصفى الأشياء من كل آفة بل أن لا تقاربها الآفات النصح لله لأن الناصح متى قبل خطرة من رياء أو عجب أو غير ذلك مما كره الله فقد خرج من النصح بقدر قبوله لما يكره ربه وأهون الأشياء وأكسرها لدواعي الهوى ذكر عظيم سوء العاقبة في تعجيل اللذة الأشياء وأعون على التحمل للمكروه ذكر عظيم العاقبة في ثواب ما يحمله العبد من المكاره في التقرب إلى الله D وأعون الأشياء على استجلاب الأحزان طول التوحش والإنفراد من الخلق مع طول الفكرة ودوامه في عواقب الأمور ليوم العرض فمن لم يمكنه الخلوة والإنفراد وطول الصمت مع دوام الذكر للرقيب لما أحب من المحبوب والمكروه وأجلب الأشياء لتيقظ القلب من