شهوة التقدم في إلزام القلب الحذر من الغفلة عن الرب D وأجلب الأشياء للذكر وأطرده للنسيان شدة العناية بعمران القلب بذكر المولى لأنه إذا قدم العناية وألزمها قلبه لا يغفل قلبه عن ذكر المولى هاج للذكر وتفرغ عن النسيان قال وسئل الحارث عما ينال به الإخلاص فقال ينال بثلاث خلال والمخلص في بعضها أقوى من بعض ودواعي الريا عليه أقل وأضعف وهو في بعضها أضعف إخلاصا والدواعي عليها أكبر وأقوى فأعلاها التي يكون بها المخلص أقوى المخلصين والخطرات عليه أقل وأضعف تعظيم قدر الرب وإجلاله واستصغار قدر المخلوقين أنهم لا يستأهلون أن يتقرب إليهم بطاعة الرب حتى يضعهم العبد بحيث وضعهم الله من الحاجة والفاقة والمسكنة إذ خلقهم المولى من ملك الضر والنفع ولم يجعل لأحد من الخلق شركة في الأشياء ولا يليق بهم ذلك وذلك مستحيل أن يملك العبد المحدث مع القديم الأول مثقال ذرة لا أصغر ولا أكبر ولا يملك ضرا ولا نفعا فإن أعظم قدر الرب بقلبه وأنزل عباده بالمنزل الذي هم به انصرف قلبه عن طلب حمد المخلوقين إذ عرف قدرهم وانصرفت نفسه عنهم في طلب كل منفعة دنيا وآخرة وارتاح قلبه لطلب حمد الله والتحبب إلى الله إذ عرف قدره وأن إليه حاجته في الدنيا والآخرة وأنه لا ينال منفعة فيهما إلا منه وأنه أهل أن يرجى ويؤمل جوده وكرمه فإن لم يقو على هذه الخلة فالخلة الثانية أن يذكر اطلاع الله على ضميره وهو يريد بطاعته حمد عبد مملوك ضعيف يتحبب إليه بالمقت إلى مولاه ويتقرب إليه بالتباعد من سيده ويحظى في عين عبد مملوك ضعيف يبلى ويموت بالسقوط من عين الإله الذي لا يموت فإنه حينئذ يستكين عقله ويخشع طبعه من قبول كل خطرة تدعوه إلى إرادة المخلوقين بطاعة ربه فإن لم يقو على هذه الخلة فالخلة الثالثة أن يرجع إلى نفسه بالرحمة لها والإشفاق عليها من حبط عمله في يوم فاقته وفقره فيبقى خاسرا قد حبط إحسانه وخسر عمله ثم لا يأمن أن يكون ذلك لو أخلصه لرجحت حسناته على سيئاته قبحا لها إذا أراد به العباد فتبقى حسناته خفيفة