وإليه وسمو الهمة يخفف التعب والنصب ويهون الشدائد في طلب الرضوان ويستقل معه بذل المجهود بعظيم ما ارتفع إليه الهم والنشاط بالدوب دائم والسرور بالمناجاة هائج والصبر زمام النفس عن المهالك وإمساك لها على النجاة فاليقين راحة للقلوب من هموم الدنيا وكاسب لمنافع الدين كلها وحسن الأدب زين للعالم وستر للجاهل من قصر أمله حذر الموت ومن حذر الموت خاف الفوت ومن خاف الفوت قطع الشوق ومن قطع الشوق بادر قبل زوال إمكان الظفر فاجعل التيقظ واعظك والتثبت وكيلك والحذر منبهك والمعرفة دليلك والعلم قائدك والصبر زمامك والفزع إلى الله D عونك ومن لم توسعه الدنيا غنى ولا رفعة أهلها شرفا ولا الفقر فيها صفة فقد ارتفعت همته وعزفت عن الدنيا نفسه من كانت نعمته السلامة من الآثام ورغب إلى الله في حوادث فوائد لمريد نقل عن الدنيا بقلبه ومن اشتد تفقده ما يضره في دينه وينفعه في آخرته وذكر اطلاع الله إليه ومثل عظيم هول المطلع وأشفق مما يأتي به الخير فقد صدق الله في معاملته وحقق استعمال ما عرفه ربه ومن قدم العزم لله على العمل بمحبته ووفاء لله بعزمه وجانب ما يعترض بقلبه من خطرات السوء ونوازع الفتن فقد حقق ما علم وراقب الله في أحواله كهف المريد وحرزه التقوى والإستعداد عونه وجنته التي يدفع بها آفات العوارض وسور النوازل والحذر يورثه النجاة والسلامة والصبر يورثه الرغبة والرهبة وذكر كثرة سوالف الذنوب يورثه شدة الغم وطول الحزن وعظم معرفته بكثرة آفات العوارض في الطاعات تورثه شدة الإشفاق من رد الإحسان .
أخبرنا جعفر بن محمد في كتابه وحدثني عنه عثمان بن محمد قال سمعت الجنيد بن محمد يقول سأل سائل الحارث بن أسد ما بالي أغتم على ما يفوتني من العلم ولا أعمل بما استفدت منه قال لأنك لا تخاف عظيم حجة الله عليك فيما علمت وضيعت العمل لله فيما أوجبه عليك ولم تقدم العزم أن تقوم بما تستفيد من العلم فيما تستزيد منه وكان يحق عليك أن تكون