على قدر عقل العاقلين ومعرفتهم بربهم يفترقون في ذلك فإحدى الثلاث الخوف من الله والخلة الثانية الحياء من الله والخلة الثالثة الحب لله فأما الخائف فمراقب بشدة حذر من الله تعالى وغلبة فزع وأما المستحيي من الله فمراقب بشدة انكسار وغلبة إخبات وأما المحب فمراقب بشدة سرور وغلبة نشاط وسخاء نفس مع إشفاق لا يفارقه ولن تكاد أن تخلو قلوب المراقبين من ذكر إطلاع الرقيب بشدة حذر من قلوبهم أن يراهم غافلين عن مراقبته والمراقبة ثلاث خلال في ثلاثة أحوال أولها التثبت بالحذر قبل العمل بما أوجب الله والترك لما نهى الله عنه مخافة الخطا فإذا تبين له الصواب بالمبادرة إلى العمل بما أوجب الله والترك لما نهى الله مخافة التفريط فإذا دخل في العمل فالتكميل للعمل مخافة التقصير فمن لم يثبت قبل العمل مخافة الخطا فغير مراقب لمن يعمل له إذا كان لا يأمن من أن يعمل على غير ما أحب وأمر به ومن لم يبادر ويسارع إلى عمل ما يحب الله بعد ما تبين له الصواب فما راقب إذا بطأ عن العمل لمحبة من يراقبه إذ يراه متثبطا عن القيام بما أمر به ومن لم يجتهد في تكميل عمله فضعيف مقصر في مراقبة من يراقبه إذا قصر عن إحكام العمل لمن يعمل وقد علم أن الله جل ثناؤه يحب تكميله وإحكامه وقال سبع خلال يكمل لها عمل المريد وحكمته حضور العقل ونفاد الفطنة وسعة العمل بغير غلط وقهر العقل للهوى وعظم الهم كيف يرضي الرب تعالى والتثبت قبل القول والعمل وشدة الحذر للآفات التي تشوب الطاعات وأقل المريدين غفلة أدومهم مراقبة مع تعظيم الرقيب والدليل على صدق المراقبة بإجلال الرقيب شدة العناية بالفطنة لدواعي العقل من دواعي الهوى والتثبت بالنظر بنور العلم والتمييز بين الطاعة وما شابهها من الآفات وقوة العزم على تكميل المراقبة في الحظوة في عين المليك المطلع وشدة الفزع مما يكره خوف المقت والدليل على قوة الخوف شدة الإشفاق مما مضى من السيئات أن لا تغفر وما تقدم من الإحسان أن لا يقبل ودوام الحذر فيما يستقبل أن لا يسلم وعظم الهم من عظيم الرغبة وعظيم الرغبة من كبر المعرفة بعظيم قدر المرغوب فيه