ولم يشغلهم في دنياهم عن طاعته ولم يغفلوا عن شكره وكان ثواب الرافض لها في الآخرة والراكن إليها واحدا كان الله D أهلا أن يبغض ما أبغض ويتهاون بما أهان عليه وذلك زهد المحبين له المعظمين المجلين وقد دل الله D على هذه الخمس خصال بكتابه وسنة نبيه A وما نطق به أهل الخاصة من عباده الحكماء العلماء .
أخبرنا جعفر بن محمد بن نصر في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال سمعت أبا عثمان البلدي يقول بلغني عن الحارث بن أسد أنه قال العلم يورث المخافة والزهد يورث الراحة والمعرفة تورث الإنابة وخيار هذه الأمة الذين لا تشغلهم آخرتهم عن دنياهم ولا دنياهم عن آخرتهم ومن صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين الله ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة ومن اجتهد في باطنه ورثه الله حسن معاملة ظاهره ومن حسن معاملته في ظاهره مع جهد باطنه ورثه الله الهداية إليه لقوله تعالى والذين جاهدا فينا لنهدينهم سبلنا الآية .
أخبرنا محمد بن أحمد في كتابه قبل أن لقيته وحدثني عنه عثمان بن محمد العثماني ثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال قال الحارث بن أسد وسئل بم تحاسب النفس قال بقيام العقل على حراسة جناية النفس فيتفقد زيادتها من نقصانها فقيل له ومم تتولد المحاسبة قال من مخاوف النقص وشين البخس والرغبة في زيادة الأرباح والمحاسبة تورث الزيادة في البصيرة والكيس في الفطنة والسرعة إلى إثبات الحجة واتساع المعرفة وكل ذلك على قدر لزوم القلب للتفتيش فقيل له من أين تخلف العقول والقلوب عن محاسبةالنفوس قال من طريق غلبةالهوى والشهوة لأن الهوى والشهوة يغلبان العقل والعلم والبيان وسئل مم يتولد الصدق قال من المعرفة بأن الله يسمع ويرى وخوف السؤال عن مثاقيل الذر من إرسال اللفظ وخلف الوعد وتأخير الضمان فالمعرفة أصل للصدق والصدق أصل لسائر أعمال البر فعلى قدر قوة الصدق يزداد العبد في سائر أعمال البر