الحرص وقيل له كيف تفاوت الناس في الزهد قال على قدر صحة العقول وطهارة القلوب فأفضلهم أعقلهم وأعقلهم أفهمهم عن الله وأفهمهم عن الله أحسنهم قبولا عن الله وأحسنهم قبولا عن الله أسرعهم إلى ما دعا الله D وأسرعهم إلى ما دعا الله D أزهدهم في الدنيا وأزهدهم في الدنيا أرغبهم في الآخرة فبهذا تفاوتوا في العقول فكل زاهد زهده على قدر معرفته ومعرفته على قدر عقله وعقله على قدر قوة إيمانه فمن استولى على قلبه وهمه علم كشف الآخرة ونبهه التصديق على القدوم عليها وتبين بقلبه عوار الدنيا ودله بصائر الهدى على سوء عواقبها ومحبة اختيار الله في تركها والموافقة لله في العزوف عنها ترحلت الدنيا عن قلب هذا الموفق وسئل عن علامة الصادق فقال أن يكون بصواب القول ناطقا لسانه محزون ونطقه بالحق موزون طاهر القلب من كل دنس ومصافي مولاه في كل نفس .
أخبرنا محمد في كتابه قال أنبأنا أحمد بن عبدالله بن ميمون قال قال الحارث بن أسد المنقطع إلى الله D عن خلقه ظاهره ظاهر أهل الدنيا وباطنه باطن المجلين الهائبين لربهم لأنه صرف قلبه إلى ربه فاشتغل بذكر رضاه عن ذكر رضا خلقه فطاب في الدنيا عيشه وتطهر من آثامه وأنزل الخلق بالمنزلة التي أنزلهم ربهم عبيدا إذ لا يملكون له ضرا ولا نفعا فآثر رضاء الله على رضاهم فسخت نفسه بطلب رضى الله وإن سخط جميع خلق الله يرضى الله بسخط كل أحد ولا يسخط الله برضى أحد من خلقه فملاك أمره في جميع ذلك ترك الاشتغال والتثبيت لمراقبة الرقيب عليه فلا يعجل فيسخطه عليه وقال أسرع الأشياء عظة للقلب وانكسارا له ذكر إطلاع الله بالتعظيم له وأسرع الأشياء إماتة للشهوات لزوم القلب الأحزان وأكثر الأشياء صرفا إزالة الإشتغال بالدنيا من القلوب عند المعاينة والمباشرة لها الاعتبار بها والنظر إلى ما غاب من الآخرة وأسرع الأشياء هيجانا للتعظيم لله من القلب تدبر الآيات والدلائل في التدبير المحكم والصنعة المحكمة