والوقوف بين الجنة والنار قال الحارث وقيل إن الحب لله هو شدة الشوق وذلك أن الشوق في نفسه تذكار القلوب بمشاهدة المعشوق وقد اختلف العلماء في صفة الشوق فقالت فرقة منهم الشوق انتظار القلب دولة الاجتماع وسألت رجلا لقيته في مجلس الوليد بن شجاع يوما عن الشوق متى يصح لمن ادعاه فقال إذا كان لحالته صائنا مشفقا عليها من آفات الأيام وسوء دواعي النفس وقد صدق العالم في قوله وذلك أن المشتاقين لولا أنهم ألزموا أنفسهم التهم والمذلة لسلبوا عذوبات الفوائد التي ترد من الله على قلوب محبيه قلت فما الشوق عندك قال الشوق عندي سراج نور من نور المحبة غير أنه زائد على نور المحبة الأصلية قلت وما المحبة الأصلية قال حب الإيمان وذلك أن الله تعالى قد شهد للمؤمنين بالحب له فقال والذين آمنوا أشد حبا لله فنور الشوق من نور الحب وزيادته من حب الوداد وإنما يهيج الشوق في القلب من نور الوداد فإذا أسرج الله ذلك السراج في قلب عبد من عباده لم يتوهج في فجاج القلب إلا استضاء به وليس يطفئ ذلك السراج إلا النظر إلى الأعمال بعين الأمان فإذا أن على العمل من عدوه لم يجد لأظهاره وحشة السلب فيحل العجب وتشرد النفس مع الدعوى وتحل العقوبات من المولى وحقيق على من أودعه الله وديعة من حبه فدفع عنان نفسه إلى سلطان الأمان يسرع به السلب إلى الافتقاد وقالت امرأة من العوابد والله لو وهب الله لأهل الشوق إلى لقائه حالة لو فقدوها لسلبوا النعيم قيل لها وما تلك الحالة قالت استقلال الكثير من أنفسهم ويعجبون منها كيف صارت مأوى لتلك الفوائد وهي وقيل لبعض العباد أخبرنا عن شوقك إلى ربك ما وزنه في قلبك فقال العابد للسائل لمثلي يقال هذا لا يمكن أن يوزن في القلب شيء إلا بحضرة النفس وإن النفس إذا حضرت أمرا في القلب من ميراث القربة قذفت فيه أسباب الكدورات وقيل لمضر القارئ الخوف أولى بالمحب أم الشوق فقال هذه مسألة لا أجيب فيها ما اطلعت النفس على شيء قط إلا أفسدته وأنشدني عبدالعزيز بن عبدالله في ذلك يقول