الخوف أولى بالمسيء ... إذا ناله والحزن ... والحب يحسن بالمطيع ... وبالنقى من الدرن ... والشوق للنجباء والأبدال ... عن ذوي الفطن ... فلذلك قيل الحب هوالشوق لأنك لا تشتاق إلا إلى حبيب فلا فرق بين الحب والشوق إذا كان الشوق فرعا من فروع الحب الأصلي وقيل ان الحب يعرف بشواهده على أبدان المحبين وفي ألفاظهم وكثرة الفوائد عندهم الدوام الاتصال بحبيبهم فإذا واصلهم الله أفادهم فإذا ظهرت الفوائد عرفوا بالحب لله ليس للحب شبح مائل ولا صورة فيعرف بجبلته وصورته وإنما يعرف المحب بأخلاقه وكثرة الفوائد التي يجريها الله على لسانه بحسن الدلالة عليه وما يوحى إلى قلبه فكلما ثبتت أصول الفوائد في قلبه نطق اللسان بفروعها فالفوائد من الله واصلة إلى قلوب محبيه فأبين شواهد المحبة لله شدة النحول بدوام الفكر وطول السهر بسخاء الأنفس على الأنفس بالطاعة وشدة المبادرة خوف المعالجة والنطق بالمحبة على قدر نور الفائدة فلذلك قيل إن علامة الحب لله حلول الفوائد من الله بقلوب من اختصه الله بمحتبه وأنشد بعض العلماء ... له خصائص يكلفون بحبه ... اختارهم في سالف الأزمان ... اختارهم من قبل فطرة خلقهم ... بودائع وفوائد وبيان ... فالحب لله في نفسه استنارة القلب بالفرح لقربه من حبيبه فإذا استنار القلب بالفرح استلذ الخلوة بذكر حبيبه فالحب هائج غالب والخوف لقلبه لازم لا هائج إلا أنه قد ماتت منه شهوة كل معصية وهدى لأركان شدة الخوف وحل الأنس بقلبه لله فعلامة الأنس استثقال كل أحد سوى الله فإذا ألف الخلوة بمناجاته حبيبه استغرقت حلاوة المناجاة العقل كله حتى لا يقدر أن يعقل الدنيا وما فيها ومن ذلك قول ضيغم العابد عجبا للخليقة كيف استنارت قلوبهم بذكر غيرك وحدثني أبو محمد قال أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داود إن محبتي في خلقي أن يكونوا روحانيين وللروحانية علم