علاج قلوبهم ثم أمرهم بإصلاح الأوجاع وأوعز إليهم في الرفق عند المطالبات وضمن لهم إجاب دعائهم عند طلب الحاجات نادى بخطرات التلبية من عقولهم في أسماع قلوبهم إنه تبارك وتعالى يقول يا معشر الأدلاء من أتاكم عليلا من فقدي فداووه وفارا من خدمتي فردوه وناسيا لأيادي ونعمائي فذكروه لكم خاطبت لأني حليم والحليم لا يستخدم إلا الحلماء ولا يبيح المحبة للبطالين ضنا بما استأثر منها إذ كانت منه وبه تكون فالحب لله هو الحب المحكم الرصين وهو دوام الذكر بالقلب واللسان لله وشدة الأنس بالله وقطع كل شاغل شغل عن الله وتذكار النعم والأيادي وذلك أن من عرف الله بالجود والكرم والأحسان اعتقد الحب له إذ عرفه بذلك أنه عرفه بنفسه وهداه لدينه ولم يخلق في الأرض شيئا إلا وهو مسخر له وهو أكرم عليه منه فإذا عظمت المعرفة واستقرت هاج الخوف من الله وثبت الرجاء قلت خوفا لماذا ورجاء لماذا قال خوفا لما ضيعوا في سالف الأيام لازما لقلوبهم ثم خوفا ثابتا لا يفارق قلوب المحبين خوفا أن يسلبوا النعم إذا ضيعوا الشكر على ما أفادهم فإذا تمكن الخوف من قلوبهم وأشرفت نفوسهم على حمل القنوط عنهم هاج الرجاء بذكر سعة الرحمة من الله فرجاء المحبين تحقيق وقربانهم الوسائل فهم لا يسأمون من خدمته ولا ينزلون في جميع أمورهم إلا عند أمره لمعرفتهم به أنه قد تكفل لهم بحسن النظر ألم تسمع إلى قول الله الله لطيف بعباده فدخلت النعم كلها في اللطف واللطف ظاهر على محبته خاصة دون الخليقة وذلك أن الحب إذا ثبت في قلب عبد لم يكن فيه فضل لذكر أنس ولا جان ولا جنة ولا نار ولا شيء إلا ذكر الحبيب وذكر أياديه وكرمه وذكر ما دفع عن المحبين له من شر المقادير كما دفع عن إبراهيم الخليل عليه السلام وقد أججت النار وتوعده المعاند بلهب الحريق فأراه جل وعز آثار القدرة في مقامه ونصرته لمن قصده ولا يريد به بدلا وذكر ما وعد أولياؤه من زيارتهم إياه وكشف الحجب لهم وأنهم لا يحزنهم الفزع الأكبر في يوم فزعهم إلى معونته على شدائد الأخطار