يملك العباد ما بيده ولم يفوض إليهم ما يمنعه من رسله فقد حرصت الرسل على هدى الناس جميعا فما اهتدى منهم إلا من هداه الله ولقد حرص إبليس على ضلالتهم جميعا فما ضل منهم إلا من كان في علم الله ضالا وزعمتم بجهلكم أن علم الله تعالى ليس بالذي يضطر العباد الى ما عملوا من معصيته ولا بالذي صدهم عما تركوه من طاعته ولكنه بزعمكم كما علم الله أنهم سيعملون بمعصيته كذلك علم أنهم سيستطيعون تركها فجعلتم علم الله لغوا تقولون لو شاء العبد لعمل بطاعة الله وإن كان في علم الله أنه غير عامل بها ولو شاء ترك معصيته وإن كان في علم الله أنه غير تارك لها فأنتم إذا شئتم أصبتموه وكان علما وإذا شئتم رددتموه وكان جهلا وإن شئتم أحدثتم من أنفسكم علما ليس في علم الله وقطعتم به علم الله عنكم وهذا ما كان ابن عباس يعده للتوحيد نقضا وكان يقول إن الله لم يجعل فضله ورحمته هملا بغير قسم منه ولا اختيار ولم يبعث رسله بإبطال ما كان في سابق علمه فأنتم تقرون في العلم بأمر وتنقضونه في آخر والله تعالى يقول يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه ألا بما شاء فالخلق صائرون إلى علم الله تعالى ونازلون عليه وليس بينه شيء هو كائن حجاب يحجبه عنه ولا يحول دونه إنه عليم حكيم وقلتم لو شاء الله لم يفرض بعمل بغير ما أخبر الله في كتابه عن قوم ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون وأنه قال سنمتعهم قليلا ثم يمسهم منا عذاب أليم فأخبر أنهم عاملون قبل أن يعملوا وأخبر أنه معذبهم قبل أن يخلقوا وتقولون أنتم إنهم لو شاءوا خرجوا من علم الله في عذابه الى ما لم يعلم من رحمته لهم ومن زعم ذلك فقد عادى كتاب الله برد ولقد سمى الله تعالى رجالا من الرسل بأسمائهم وأعمالهم في سابق علمه فما استطاع آباؤهم لتلك الأسماء تغييرا وما استطاع إبليس بما سبق لهم في علمه من الفضل تبديلا فقال واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ذي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار فالله أعز في قدرته وأمنع من أن يملك أحدا إبطال علمه في شيء من ذلك فهو مسمى لهم بوحيه الذي لا يأتيه الباطل من