بين يديه ولا من خلفه أو أن يشرك في خلقه أحدا أو يدخل في رحمته من قد أخرجه منها أو أن يخرج منها من قد أدخله فيها ولقد أعظم بالله الجهل من زعم أن العلم كان بعد الخلق بل لم يزل الله وحده بكل شيء عليما وعلى كل شيء شهيدا قبل أن يخلق شيئا وبعد ما خلق لم ينقص علمه في بدئهم ولم يزد بعد أعمالهم ولا بحوائجه 1 التي قطع بها دابر ظلمهم ولا يملك إبليس هدى نفسه ولا ضلالة غيره وقد أردتم بقذف مقالتكم إبطال علم الله في خلقه وإهمال عبادته وكتاب الله قائم بنقض بدعتكم وإفراط قذفكم ولقد علمتم أن الله بعث رسوله والناس يومئذ أهل شرك فمن أراد الله له الهدى لم تحل ضلالته التي كان فيها دون إرادة الله له ومن لم يرد الله له الهدى تركه في الكفر ضالا فكانت ضلالته أولى به من هداه فزعمتم أن الله أثبت في قلوبكم الطاعة والمعصية فعملتم بقدرتكم بطاعته وتركتم بقدرتكم معصيته وأن الله خلو من أن يكون يختص أحدا برحمته أو يحجز أحدا عن معصيته وزعمتم أن الشيء الذي بقدر إنما هو عندكم اليسر والرخاء والنعمة وأخرجتم منه الأعمال وأنكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى وأنكم الذين هديتم أنفسكم من دون الله وأنكم الذين حجزتموها عن المعصية بغير قوة من الله ولاإذن منه فمن زعم ذلك فقد غلا في القول لأنه لو كان شيء لم يسبق في علم الله وقدره لكان لله في ملكه شريك ينفذ مشيئته في الخلق من دون الله والله سبحانه وتعالى يقول حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وهم له قبل ذلك كارهون وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان وهم له قبل ذلك محبون وما كانوا على شيء من ذلك لأنفسهم بقادرين ثم أخبر بما سبق لمحمد A من الصلاة عليه والمغفرة له ولأصحابه فقال تعالى أشداء على الكفار رحماء بينهم وقال تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فلولا علمه ما غفرها الله له قبل أن يعملها وفضلا سبق له من الله قبل أن يخلقوا ورضوانا عنهم قبل أن يؤمنوا ثم أخبر بما هم عاملون آمنون قبل أن يعملوا وقال تراهم