[19] إلى معاوية (1) فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم ويذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيا - ولك منهم شافيا - فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعهم إلى العمى والجهل (2) وإنما هم أهل دنيا، مقبلون عليها مهطعون إليها (3) وقد عرفوا العدل ورأوه وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، ________________________________________ (1) قبل - على زنة عنب بمعنى -: عند. و (يتسللون): يذهبون في استخفاء واستتار بحيث لا يشعر بهم أحد. ومنه قوله تعالى في شأن قوم كانوا يهربون عن رسول الله (ص) بلا استيذان منه (ص): قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو إذا) الآية (63) من سورة النور: 24. (2) الغي: الضلال. و (ايضاعهم): اسراعهم. أي كفى في ضلالهم وفى الدلالة عليه، فرارهم من الحق والهدى، واسراعهم إلى الباطن والجهل والعمى. وهما أيضا كافيان في شفاء المجتمع عن داء المنافقين والضالين لان الضلالة - أو الضالون بأنفسهم - جرثومة المرض، فلو كان في موطن فربما تسري إلى الابرياء فتستأصلهم، فزوال الضلالة عن محل - أو فرار الضالين من بين أظهر مجتمع الصدق والايمان - كاف في شفاء ذلك المجتمع ونقاء موطنهم عن المرض المسري، وجرثومة الهلاك والدمار، فلا ينبغي لرئيس ذلك المجتمع أن يتأسف من لحوق المفسدين ذوي أمراض مهلكة بأشكالهم، وانحيازهم عن صف الاصحاء، وموطن الابرياء وأهل الصدق والصفاء. (3) مهطعون: مسرعون. وما اشبه هذا التعبير بقوله (ع): (الناس ابناء الدنيا) وبقول ولده السبط الشهيد (ع): (الناس ابناء الدنيا والدين لعق على السنتهم). ________________________________________