[12] فعند ذلك عزمت على تأليف كتاب آخر يتضمن ما لم يوجد في نهج البلاغة، وحيث إن الموضوع الثاني كان أهم، صرفنا فيه نهاية الطاقة، وغاية المقدرة، وقدمناه في الترتيب والتأليف، وبحمد الله تعالى ومنته قد جمعنا من كلم أمير المؤمنين عليه السلام - في المواضيع الثلاثة التي اختارها السيد الرضي وغيرها - ضعف ما في نهج البلاغة، وأقمنا على جلها من الشواهد الخارجية - المعاضدة بالشواهد الداخلية - ما لو رآها المنصف المتدبر، ووعاها العالم المتبحر، لقال: سبحان الله ما هذا من عند غير وصي النبي، إن هذا إلا من إمام عليم اختاره الله واصطفاه لخلافة رسوله الكريم، ودراسة دينه القويم، وكتابه الحكيم. ________________________________________ وقال في الباب السادس من كتاب تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي، ص 138: أخبرنا السيد الشريف أبو الحسن علي بن محمد الحسيني، باسناده إلى الشريف المرتضى قال: " قد وقع إلي من خطب أمير المؤمنين عليه السلام أربعمأة خطبة. تأمل هذا الكلام - وما يأتي بعد - وراجع باب الخطب من المنهج فإنه مع ما فيه من غير الخطب ومن التكرار لا يتجاوز جميع ما فيه عن نيف ومأتين: (238) وقال اليعقوبي - من أعلام القرن الثالث - في كتابه: مشاكلة الناس لا زمانهم، ص 15: " وحفظ الناس عنه (عليه السلام) الخطب، فانه خطب بأربعمأة خطبة حفظت عنه، وهي التي تدور بين الناس ويستعملونها في خطبهم ". وقال المؤرخ الشهير المسعودي في مروج الذهب: ج 3، ص 419 ط بيروت - في عنوان: " لمع من كلام (أمير المؤمنين) وأخباره وزهده "، قبيل ختام ترجمته عليه السلام -: والذي حفظ الناس عنه (عليه السلام) من خطبه في سائر مقاماته أربع مأة خطبة ونيف وثمانون خطبة (كان عليه السلام) يوردها على البديهة، وتداول الناس ذلك عنه قولا وعملا. - ثم ساق لمعا من كلامه عليه السلام وجملا من القضايا إلى أن قال: - وفضائل علي ومقاماته ومناقبه ووصف زهده ونسكه أكثر من أن يأتي عليه كتابنا هذا أو غيره من الكتب، أو يبلغه إسهاب مسهب أو اطناب مطنب، وقد أتينا على جمل من أخباره وزهده وسيره وأنواع من كلامه وخطبه في كتابنا المترجم بكتاب: " حدائق الاذهان " في أخبار آل محمد عليه السلام، وفي كتاب " مزاهر الاخبار، وطرائف الآثار " للصفوة النورية، والذرية الزكية، أبواب الرحمة، وينابيع الحكمة. ________________________________________