[11] وبعدما اطلعت على صنيع المنحرفين، وسجية المعرضين عن أمير المؤمنين، وصرت من مشاقتهم من المتعجبين، ورأيت الاصدقاء متخاذلين، والسواد الاعظم من المؤمنين متكاسلين، وعن إحقاق الحق وإبطال الباطل قاصرين، وألد الخصوم علينا متحاملين، بدا لي أن أجمع لكتاب نهج البلاغة ما اطلعت عليه من الاسانيد الوثيقة، والمصادر المعتبرة القويمة، أداء لبعض ما يجب على العلماء، من إرشاد الجهال، وإبطال كيد المبطلين والضلال، وتدعيم الحقائق، وتوطيد الوثائق، علما بأن في الجمع المذكور أحقاقا للحق، وإبطالا للباطل، ولفتا لانظار أهل الحق بأن في هذا العمل تشييد الاصول الاعتقادية، وترويج المسائل العملية، وترميم المكارم الاخلاقية، وتعزيز القوانين الاسلامية، وتأييد للمستقلات العقلية. ولما شمرت عن ساعد الجد والاجتهاد، وخضت في جوامع كتب علمائنا الاخيار، وألممت ببعض ما حضرني من كتب أهل السنة - مع قلة مقدرتي عليها وشدة حاجتي إليها - رأيت أن ما فات عن السيد الرضي (ره) - أو تركه - من كلم أمير المؤمنين عليه السلام لا يقل عما جمعها وذكرها (7) ________________________________________ كي تكونوا في الدنيا والآخرة من الفائزين، وتسودوا على العالمين، ولا تكفروا به ولا تنبذوه وراء ظهوركم فتكونوا من الاخسرين الذين ضل سعيهم في الحيات الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " (7) بل ما فات منه - أو ما تركه على زعم بعض - أكثر، وقبل أن ترى صدق ما قلناه برأي العين بمشاهدة ما في كتابنا - نهج السعادة - نوطد دعوانا بما ذكره جماعة من ثقاة أهل النقل من المحدثين والمؤرخين فنقول: قال أبو عمر في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الاستيعاب - المطبوع بهامش كتاب الاصابة: ج 3 ص 1111 -: وخطبه (عليه السلام) ومواعظه ووصاياه لعماله كثيرة مشهورة وهي حسان كلها. وقال الحسن بن علي بن شعبة - من أعلام القرن الرابع - في الباب الاول من مختار كلم أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب تحف العقول ص 43: لو استغرقنا جميع ما وصل إلينا من خطبه وكلامه في التوحيد خاصة دون ما سواه من المعاني لكان مثل جميع (ما في) هذا الكتاب الخ. ________________________________________