[3] (ز) كلمة للبحاثة الكبير والكاتب القدير الأستاذ المحامي توفيق الفكيكي البغدادي حول كتاب [الغدير] نشرتها مجلة الغري الغراء النجفية في عددها 17 من سنتها الثامنة ص 415 ونحن نذكرها مشفوعة بالشكر والتقدير للكاتب والناشر. في أواخر الصيف المنصرم وردتني هدية ثمينة غالية من فضيلة العلامة الجليل والمحقق الفاضل الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي وهي الجزء الأول والثاني من كتابه النفيس القيم [الغدير] وكانت علة التأخير والتقصير عن إبداء رأيي في هذا الكتاب الفريد والاشادة بذكره في حينه هي استبداد المجلد في مطالعتهما واحتكاره والاستفادة من ثمراتهما الشهية، وبعد أن ارتوى المجلد عفى الله عنه من منهل الغدير العذب قدمه لي، ولكن شواغل الحياة ومتاعب المحامات كل ذلك من الدواعي والأسباب أرغمتني إرغاما على أن أسرف في التقصير عن إنصاف كتاب [الغدير] النادر الطريف، إلا أن طمعي الكثير بحلم فضيلة المؤلف حفظه الله خير ضمان لعفوه الكريم وقد قيل: - والعذر عند كرام الناس مقبول - وقبل أن أسجل كلمتي في تقدير قيمة الكتاب العلمية، أتقدم بجزيل الشكر لفضيلة البحاثة النحرير مولف الكتاب على هديته وتحفته العجيبة، وعندي أن إهداء تحف العقول النيرة، وغرر القرائح المشرقة، وعرائس الأفكار الزاهرة، هي أثمن وأغلى من زف العرائس الأبكار، بل وأفضل من تقديم الجواهر والأعلاق من كرائم الأحجاز. وبعد: فقد تصفحت الجزئين من كتاب " الغدير " ووقفت على ما دونه المؤلف ما من الموضوعات والمضامين، ثم فحصت ما جاء فيهما من البحوث الجليلة العلمية العميقة، والتدقيقات التاريخية المضنية، ومناقشة الأحاديث ________________________________________ (ح) الغامضة، والروايات الكثيرة المتضاربة المختلفة، والمساجلات الأدبية والشعرية، وأثرها في خدمة المبادئ العلوية الشريفة، وكذلك أمعنت النظر في ما نقله صاحب [الغدير] وأحاط به من الآراء العلمية السديدة في التفسير والتأويل لنصوص الذكر الحكيم، والحكمة المحمدية العالية، تلك الآراء والنظرات الصائبة التي كشف الغطاء وزاحت الستار عن كثير من الحقائق المطموسة، والأسرار المحجوبة في شأن يوم الغدير، وقد كان فضيلته في كل ذلك موفقا أعظم التوفيق في تنبيه الأفكار، وتنوير الأذهان، وإرشاد الحائرين إلى معرفة تلك الحقائق التأريخية، وإدراك كنه الحكمة التشريعية في قصة الغدير، وما يتصل بها من مقدمات خطيرة محزنة، ونتائج كبيرة مؤلمة، لا تزال مدعاة للتأمل العميق، والعبرة البالغة في التأريخ الاسلامي وسجيل القومية العربية. لم يكن العلامة مؤلف كتاب (الغدير) أول من كتب وألف في " الغدير " فقد سبقه إلى ذلك كثير من العلماء الأعلام، وجملة كبيرة من كبار الأدباء وحملة الأقلام إلا أنهم مع الاعتراف بغزارة فضلهم، وعلو كعبهم في الأدب والعلم، فلم يتمكنوا من إزاحة العلة، وشفاء الغلة، ولم يتوصلوا إلى ما وصل إليه العلامة الأميني من تحقيق وتدقيق وتمحيص، بنتيجة جلده الجبار في البحث والاستقصاء وصبره العتيد على التعمق في الاستقراء والاستنتاج، ومن ثم بلوغه إلى إصابة الهدف وتقرير الحقيقة، وإبرازها سافرة ناصعة، مما دل على شدة مراسيه، وعنته في جميع الأدلة التاريخية القوية، وإقامة البراهين العلمية الساطعة، وسوق الحجج العقلية والنقلية والأدبية لإثبات دعم موضوعه الخطير في الغدير، وهو ذلك قد أبطل المثل الساير - ما ترك الأوائل للأواخر من شيئ وأراد أن يثبت للقراء بأن الأواخر قد أتوا بما لا تسطعه الأوائل من ابتكار ومعجزات في العلوم والفنون. لا أغالي في القول إذا قلت: إن كتاب [الغدير] ما هو إلا موسوعة نادرة في العلم والفن والتاريخ والتراجم، وروضة بهيجة أنيقة ساحرة بالطرف الأدبية الزاهرة، وهو فوق ذلك فإنه دائرة معارف جليلة مهمة، حافلة بكثير من الآراء الدينية السديدة، التي تطمئن إليها النفوس الزائغة الحائرة الغارقة في حنادس الجهالة، ________________________________________ (ط) وغياهب الشك، ودياجير الضلالة، والحق فإن هذا الأثر النفيس الخالد مما يعجز عن تحقيقه وتخليده أكبر الجمعيات العلمية في عصرنا الحاضر، وعليه فإن هذا المجهود الجبار أعظم مفخرة خالدة للعلامة البحاثة الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي في ميدان العلم والفن، وهو أكبر خدمة أسداها فضيلته للمكتبة العربية وهي تستحق الاعجاب والتقدير. والذي نؤاخذ به حضرة المؤلف هو عدم قيامه بإكمال هذه المنة من وضع الفهارس بأسماء الرجال والشعراء والأماكن ولكن هذا لا ينقص من قيمة الكتاب التاريخية والعلمية والأدبية، وأعتقد أن أزمة الورق هي السبب الأول لهذا النقص في الكتاب. أما فضيلة المؤلف فقد أهدى هذه الخدمة المشكورة إلى صاحب الولاية الكبرى، سيد الأمة، وأبي الأئمة، مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إذ لم يجد أحدا أولى بإهداء كتابه إليه من صاحب الولاية الكبرى. أيها الشيخ الفاضل إن بضاعتك المزجاة وهي صحائف ولائك الخالص لأمير المؤمنين عليه السلام لأعظم صفقة رابحة في تجارتك التي لن تبور، وإني أبشرك بصك الفوز الأكبر من الفزع الأكبر فلا يمسك وأهلك الضر إن شاء الله تعالى. بغداد توفيق الفكيكي المحامي شكر وتقدير أقدم جزيل شكري إلى الأعلام الأفذاذ والأساتذة الأماجد من الذين كتبوا كلمة حول كتابنا [الغدير] إشادة بذكر الحق، وإعلاءا لكلمة الولاء وتوحيد الكلمة، وسعيا وراء صالح الأمة. وأردفه بالتقدير لرجالات الصحف والمجلات ناشري تلكم الكلم القيمة في الأقطار الإسلامية من مصر وسوريا والهند والعراق. الأميني ________________________________________