[ 216 ] ليتنى كنت تمنيت المغفرة بدلا من تمنى الثلج فلعلي كنت أجاب. فلما دخل المبيت حلفت عليه أن يشرب وما زلت أداريه حتى شرب منه بقليل سويق بقية ليلته * حدثنى عبد الله بن محمد بن الحسين بن الحفا العبقسى. قال: حدثنى أبى، قال: كان مجاورني فتى من أولاد الكتاب ورث عن أبيه مالا جليلا أتلفه في القيان، وأكله إسرافا وبدارا حتى لم يبق منه شئ فاحتاج إلى بعض داره فلم يبق منها إلا بيت يأويه فحدثني بعض من كان يعاشره قال: صرت إليه يوما بعد انقطاعي عنه بنحو سنة لاعرف خبره فدخلت عليه فوجدته نائما في ذلك البيت في يوم بارد على حصير خلق، وقد توطأ وطأ كأنه حشو فراش، وقد تغطا بقطن كأنه حشو لحاف، فهو بين ذلك القطن كأنه السفرجل. فقلت ويحك: بلغت إلى هذا الحال ؟ قال هو الحد ما ترى. قلت فهل لك حاجة ؟ قال أو تقضيها. فظننته يطلب منى شيئا لنفقة فقلت: أي والله. قال اشتهى أن تحملني إلى بيت فلانة المغنية حتى أراها. يعنى المغنية التى يعشقها وأتلف ماله بسببها. قال وبكى فرققت له ومضيت إلى منزلي فجئته من ثيابي بما لبسه وأدخلته الحمام وحملته إلى بيتى، فأطعمته وبخرته وأخذت بيده وقصدنا دار المغنية فلما رأتنا لم تشك في أن حاله صلحت وأنه قد جاءها بدراهم فبشت به وسألته عن خبره ؟ فصدقها عن حاله حتى انتهى إلى ذكر الثياب وأنها لى. فقالت له في الحال: قم فقال: لم ؟ قالت لئلا تجى ستى فتراك وليس معك شئ فتحرد على فاخرج إلى برا حتى أصعد فأكلمك من فوق. فخرج وجعل ينظر أن تخاطبه من روزنة في الدار إلى الشارع وهو جالس فقلبت عليه مرقة سكباج فصيرته آية ونكالا وضحكت فبكى وقال: يا أبا فلان: بلغ أمرى إلى هاهنا، أشهد الله وأشهدك أنى تائب عنها، فأخذت أتعظ به وقلت: أي شئ تنفعك التوبة الآن ورددته إلى بيته ونزعت ثيابي عنه وتركته بين القطن كما كان أولا، وحملت ثيابي وغسلتها وأيست منه فما عرفت له خبرا نحو ثلاث سنين، فأنا ذات يوم في باب الطاق فإذا بغلام يطرق لرجل راكب فرفعت رأسي فإذا به على برذون فاره، بمركب خفيف مليح، وثياب حسنة وكان قديما في أيام يساره يركب من الدواب والمراكب ________________________________________