[ 217 ] أفخرها وآلته وثيابه وقماشه أفخر شئ، فحين رأني قال فلان فعلمت أن حاله صلحت وقبلت فخذه وقلت سيدى أبو فلان. قال: نعم. فقلت أي شئ هذا ؟ قال صنع الله عزوجل وله الحمد والشكر البيت. البيت. قال فتبعته حتى انتهيت إلى بابه فإذا الدار الاولى قد رمها وجصصها وطبقها وبنى فيها مجلسين متقابلين وخزائن ومستراحا وجعل ما كان في الدار من البيوت والمجالس صحنا كبيرا وقد صارت طيبة إلا أنها ليست بذلك السرور الاول، وأدخلني حجرة كان يخلو فيها قديما وأعادها كأحسن ما كانت وفيها فرش حسنة، ولكن ليس من ذلك الجنس الاول، وليس في داره إلا ثلاث غلمان وخادم قد كنت أعرفه لابيه قد رده وأقامه على حرمه، وشيخ بواب ممن كان يصحبهم قديما، ووكيل يتسوق له فجلس وأجلسني، وجاؤنا بفاكهة حسنة نظيفة قليلة في آلة مقتصدة مليحة، ثم جاؤا بعدها بطعام نظيف كاف غير مسرف ولا مقصر، فأكلنا ثم نام ولم تكن تلك عادته ومدت ستار، وأحضرت مشام ورياحين في صيوان وزبدات والجميع متوسط غير مسرف وانتبه فصلى وتبخر بقطعة ند جديدة وبخرنى بمثلها: فقلت يا سيدى: ما هذه الترتيبات التى لست أعرفها ؟. فقال: دع ما مضى وخذ ما نحن فيه وأقبل يشرب وغنى من وراء ستارة ثلاث جوار في نهاية طيب الغناء كل واحدة منهن أحسن وأطيب من التى أتلف عليها ماله، فلما طابت نفسي ونفسه قال يا أبا فلان: تذكر زماننا الاول ؟ قلت نعم. قال أنا الآن في همة متوسطة وما أفدته من العقل والعلم بأمر الدنيا ليسليني عما ذهب منى، وهو ذا ترى فرشي وثيابى، ومركبي، فلم يكن ذلك بالعظيم المفرط ففيه جمال وبغال، وتنعم وكفاية وهو مغن عن ذلك الاسراف والتبذير وقد تخلصت من تلك الشدة الشديدة تذكر يوم عاملتني فلانة المغنية لعنها الله تعالى بما عاملتني به. قلت: نعم. والحمد لله الذى كشف عنك ذلك. فمن أين هذه النعمة ؟ قال مات خادم كان مولى لابي وابن عم في يوم واحد فحصل لى من تركتهما أربعون ألف دينار وصل أكثرها وأنا بين القطن كما رأيتنى، فحمدت الله تعالى واعتقدت التوبة من التدبير السيئ، وأنا أدبر ما رزقته فعمرت هذه الدار ________________________________________