[ 215 ] بعينه وقال أتعرف هذا ؟ فحين رأيته شهقت وأغمى على فما أفقت إلا بعد ساعة ثم قلت له يا هذا ؟ أملك أنت أم بنى ؟ فقال أنا ممتحن بحفظه مئذ كذا وكذا سنة. فلما سمعتك تلك الليلة تقول ما قلته وطالبتك بالعلامة فأعطيتها أردت أن أعطيك للوقت هميانك فخفت أن تنشق مرارتك فأعطيتك تلك الدنانير التى أوهمتك أنها هبة وإنما أعطيتكها من هميانك. والدنانير المائتان قرض فخذ هميانك واجعلني في حل. قال فشكرته ودعوت له وأخذت الهميان وارتجع دنانيره ورجعت إلى بلدي فبعث الجوهر وضممت ثمنه إلى ما معى واتجرت فما مضت إلا سنيات حتى صرت صاحب عشرة آلاف دينار وصلحت حالى فأنا أعيش في فضل الله تعالى وفى فضل تلك الدنانير إلى الآن. عن أبى سهل زياد القطان صاحب على بن عيسى قال: كنت مع على بن عيسى لما نفى إلى مكة ودخلنا في حر شديد وقد كدنا أن نتلف، وطاف على بن عيسى وجاء فالقى نفسه وهو كالميت من الحر والتعب وقلق قلقا شديدا وقال اشتهى على الله تعالى شربة ماء مثلوج. فقلت له يا سيدنا أيدك الله: أنت تعلم أن هذا مما لا يوجد في هذا المكان. فقال هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى. قال فخرجت من عنده فرجعت إلى المسجد الحرام فما استقررت فيه حتى نشأت سحابة وكثفت وبرقت ورعدت رعدا متصلا شديدا ثم جاءت بمطر يسير وبرد كثير فبادرت إلى الغلمان فقلت اجمعوا فجمعوا منه شيئا كثيرا وملانا منه جررا كثيرة، وجمع منه أهل مكة شيئا عظيما قال: وكان على بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد ليصلى المغرب فقلت له أنت والله مقبل والنكبة زائلة، وهذه علامات الاقبال فاشرب الثلج كما طلبته. (قال): وجئته في المسجد بأقداح مملوئة بأصناف الاسوقة والاشربة مكبوسة بالبرد قال: فأقبل يسقى من يقرب منه من الصوفية، والمجاورين، في المسجد الحرام، والضعفاء ويشربونه ونحن نأتيه بما عندنا من ذلك وأقول له اشرب. فيقول: حتى تشرب الناس فخبئت له خمسة أرطال وقلت له لم يبق شئ. فقال الحمد لله ________________________________________