[ 214 ] فورد على قلبى أمر عظيم ما ورد على مثله قط، فأقبلت أبكى وألطم وأصبح فإذا برجل قد أخرج رأسه من شباك في داره فقال ويلك مالك تبكى. ما تدعنا أن ننام ؟ فشرحت له القصة فقال يا هذا: البكاء كله بسبب دانق ونصف فداخلني من الغم أعظم من الغم الاول فقلت يا هذا: والله ما عندي قدر لما ذهب منى، ولكن بكائى رحمة لزوجتي ولنفسي مما قد وقعت إليه فان امرأتي تموت الآن وولدى جوعا، ووالله العلى الاعلا، وعلى وحلف أيمانا غليظة لقد حججت في سنة كذا وكذا وأنا أملك من المال شيئا كثيرا فذهب منى هميان فيه دنانير وجواهر تساوى ثلاثة آلاف دينار فما فكرت فيه، وهو ذا تراني الساعة أبكى بسبب دانق ونصف فضة فأسأل الله تعالى السلامة، ولا تعايرنى فتبلى بمثل بلواى. قال فقال لى: بالله يا رجل ما كان صفة هميانك ؟ فأقبلت ألطم وقلت ما ينفعني ما خاطبتني به وما تراه من جهدي وقيامي في المطر حتى تستهزئ بى أيضا وما ينفعني وينفعك من صفة هميانى الذى الذى ضاع منذ كذا وكذا سنة ؟. قال: ومشيت فإذا الرجل قد خرج وهو يصيح بى فقال يا رجل خذ هذا فظننته يتصدق على فجئت وقلت له أي شئ تريد ؟ فقال لى صف هميانك وقبض على فلم أجد للخلاص سبيل غبر وصفه له فوصفته. فقال لى أدخل. فدخلت. فقال: أين امرأتك قلت في الخان الفلاني. قال فأنفذ غلمانه فجاؤا بها فأدخلت إلى حرمه فأصلحوا شأنها وأطعموها كل ما تحتاج إليه وجاؤني بجبة وقميص وعمامة وسراويل وأدخلني الحمام سحرا، وطرحت ذلك على فأصبحت في عيشة راضية. فقال: أقم عندي أياما فأقمت عشرة أيام فكان يعطينى في كل يوم عشرة دنانير وأنا متحير في عظم بره بعد شدة جفائه فلما كان بعد ذلك قال لى: في أي شئ تتصرف قلت كنت تاجرا. قال فلى غلات وأنا أعطيك رأس مال تتجر فيه وتشركى ؟. فقلت افعل، فأخرج لى مائتي دينار فقال خذها واتجر فيها هاهنا. فقلت: هذا معاش قد أغناني الله يجب أن ألزمه فلزمته فلما كان بعد شهور ربحنا فجئته وأخذت حقى وأعطيته حقه. فقال لى: اجلس فجلست فأخرج إلى هميانى ________________________________________