[ 207 ] فقال له: إن أمير المؤمنين قد أمرنى أن أتخير ناحية من نواحى الخراج صالحة المرفق ليوقع بتقليدي إياها فاختر لى ناحية من نواحى الخراج فقال: لا أعرف لك عملا أولى بك من بريدات البحر وصدقات الوحش. فقال له أكتبه لى فكتبه له فعرض الشيعي الرقعة على لمأمون وسأله تقليده العمل. فقال له: من كتب هذه الرقعة ؟ فقال شيخ من الكتاب يحضر الدار في كل يوم. فقال هلمه فلما حضر قال له ما هذا يا جاهل ؟ تفرغت لاصحابي. فقال: يا أمير المؤمنين أصحابنا هؤلاء ثقات يصلحون لحفظ ما يقع في أيديهم من الخزائن والاموال، وأما شروط الخراج وحكمه، وما يجب تعجيل استخراجه، وما يجب تأخيره، وما يجب اطلاقه وما يجب منعه، وما يجب انفاقه، وما يجب احتباسه، فلا يعرفونه وتقليدهم إياه يعود بذهاب الارتفاع فإن كنت يا أمير المؤمنين لا تثق بنا فمر إلى أن يضم إلى كل رجل منهم رجل منا فيكون الشيعي يحفظ المال ونحن نجمعه. فاستصاب المأمون كلامه وأمر بتقليد عمال السواد، وكتابه وأن يضم إلى كل واحد منهم رجلا من الشيعة وضم مخلد إلى ذلك الشيخ فقلده ناحية جليلة. ووجدت في كتاب أبى الفرج الحنطى المخزومى الكاتب أن محمد بن عبد الحميد الحسمى قال: حججت في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وأنا في بعض المنازل راجعا إذ غشيتنا فقراء المدينة يستميجون، فوقفت على جارية تتصدق بوجه كأنه القمر حين استدار، ولون الشمس حين أنار، فرددت طرفي عنها واستعذت بالله من الفتتة بها، فلم تزل بين رجال الحاج وتعود إلى رحلى حتى وقفت فقلت لها: أما تستحين أن تبدين مثل هذا الوجه في مثل هذا الوقت والموضع بحضرة الخلائق فلطمت وجهها وقالت: لم أبده حتى نقضت حيلتى * أبديته وهو الاعز الاكرم ويعز ذاك على إلا أنه * دهر يجور كما تراه ويظلم قد صنته وحجبته حتى إذا * لم يبق لى طمع ومات الهيثم ________________________________________