[ 206 ] إنك أنت جاهل، وقد غررتني فلم تدعني أعمل برأيى وليس العجب إلا ممن قبل منك، وهو في هذا يحلف أنى لا أنزل إلا خليفة وغيظي عليه يزداد وتعجبي منه ومن حمقه ومواصلته الايمان مما يشاهده من الحال، وكان ما أقاسيه منه أشد مما أقاسيه من الجند، ثم وضعوا القوم النار في شوك وضعوه وأدنوه من الدار ونقبوا في سورها عدة نقوب، وثلموا فيه جزاء فذهبت نفسي جزعا، وعلمت بأنى بين أن أحترق وبين أن يصلوا إلى فيقتلوني فهممت بأن ألقى نفسي إليهم، وقدرت أنهم إذا رأوني استحيوا وانصرفوا وجعل الفضل بن سهل يقبل يدى ورجلي ويناشدني أن لا أفعل، وحلف أنى لا أنزل إلا خليفة وفى يده الاصطرلاب ينظر فيه في الوقت بعد الوقت، فلما علا الامر واستحكم اليأس قال لى يا سيدى: والله أتاك الفرج أرى شيئا في الصحراء قد أقبل ومعه فرجنا فازددت من قوله غيظا، وأمرت غلماني بتأمل الصحراء فلم يروا شيئا. وجد القوم في الهدم والحريق، حتى هممت لما دخلنى أن أرمى الفضل إليهم فقال الغلمان يا سيدى إنا نرى شيئا في الصحراء قد أقبل يلوح فنظرت فإذا شيخ وجعل يزيد تبيابا إلى أن تبينوا رجلا على بغل يلوح ثم قرب من العسكر، فقويت له قلوبنا ورأى الجند ذلك فتوقفوا وخالطهم فإذا هو يقول البشرى، هذا رأس على بن عيسى معى في المخلاة، فلما رأوا ذلك أمسكوا عنا وانقلبوا بالدعاء لى، والسرور بالظفر والفتح فقال لى الفضل يا سيدى: ائذن لى في ادخال بعضهم. فأذنت فشرط عليهم أن لا يدخل إلا من يريد. فأجابوا إلى ذلك وسمى قوما من القواد يعدهم واحدا واحدا ففعلوا ذلك واطفأ الله عزوجل تلك الثائرة ووهب لى السلامة وقلدنى الخلافة وظفرت من أموال على بن عيسى وما في عسكره بما أصلحنا به جنودنا * وذكر أيضا في " كتابه " قال: حدثنا محمد بن مخلد، عن أبيه مخلد بن أزدى المدايني الكاتب قال: كان مخلد يلقب لبد لطول عمره فحدثني أن المأمون لما قدم العراق خطر له أن يقلد الاعمال إلى السبعة الذين قدموا معه من خراسان فطالت عطلة كتاب السواد وعماله، وكانوا يحضرون داره في كل يوم حتى ساءت أحوال أكثرهم فخرج يوما بعض مشائخ الشيعة، وكان مغفلا فتأمل مخلدا فلم ير أسن منه فجلس إليه ________________________________________