[ 9 ] وأعوام، وليال وأيام إلى أن شاءت العناية الالهية يتحقيق هذه الامنية الشائفة وإذن الله سبحانه لايفائها، وإنما الامور مرهونة بأوقاتها. فبينما كنت ذات يوم في حجرتي مشغولا بعملي في ترجمة كتاب ثواب الاعمال إذ دخل على شاب وقور، حسن السمت والهيئة، وبيده نسخة من كتاب الغيبة: فسلم وجلس، واستفسرت عن شأنه، فقال: جئت اذاكركم في طبع هذا الكتاب وتكلم في ذل كقليلا، فوجدته شائقا بنشر الكتب التي الفت في موضع صاحب - العصر عليه السلام، وذا اطلاع حول هذه الكتب ومؤلفيها، فسألته عن اسمه وعنوانه، فقال: اسمي " منصور " وشهرتي " بهلوان " وأنا من تلامذة الاستاذ " الشيخ محمود الحلبي " وهو الذي أمرنا بطبعه ورأي أن نسند تصحيحه إليك، ووصانا بالاعانة على مؤونة طبعه لديك، فرحبت به ودعوت له بالتوفيق والتأييد، ثم عظمت شأن استاذه إذ هو جدير بالتعظيم فمن بالتبجيل، وهو أحد أعلام الخطباء المصقعين في هذا العصر، بل جلهم ولاسيما الخراسانيين منهم كانوا من أتباعه، يهتدون بنوره ويمشون على ضيائه ويغترفون من فيض علومه، وهو خطيب بحاث نقاد، عليم اللسان، فصيح البيان، كثير الحفظ، متبحر في العلوم النقلية والعقلية، ولقد رأيته على أعواد المنبر يتكلم في مباحث الامامة، فوجدته بحرا زاخرا، كشف لي النقاب عن بعض المعضلات وحل عقود بعض المشكلات أبقاه الله سيفا صارما للدين ومنارا للحق المستبين. فانتهزت الفرصة، ولبيت الدعوة وأجبت الرغبة وشمرت عن ساق الجد وشرعت في العمل، ويسر الله لي أسبابه وفتح لي بابه، وأراني كيف أملك عنان المقصود، ومن أي المآتي أسلك متان الطريق. فقمت بحول المولى سبحانه وقوته نحو المأمون بما يجب أن أقوم، ولم آل جهدا، واجتهدت في تهذيب الكتاب عن عبث العابثين، وتحريف الناسخين، وقابلته مع ثلاث نسخ سيأتي وصفها، واستعنت على إصلاحه بمراجعة الكتب التي تكلمت ________________________________________