[ 23 ] حاله، وأعد له نكاله. ومنهم من دان به على ضعف من إيمانه، ووهن من نفسه بصحة ما نطق به منه فلما وقعت هذه المحنة التي آذننا أولياء الله صلى الله عليهم بها مذ ثلاثمائة سنة تحير ووقف كما قال الله عزوجل من قائل: " كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون " (1)، وكما قال: " كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا " (2). ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم السلام) بما أمروا به من وهب الله عزوجل له حظا من العلم وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدين، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل، وإخراجهم عن منزلة الشك إلى نور اليقين. فقصدت القربة إلى الله عزوجل بذكر ما جاء عن الائمة الصادقين الطاهرين (عليهم السلام) من لدن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر من روي عنه منهم في هذه الغيبة التي عمى عن حقيتها (3) ونورها من أبعده الله عن العلم بها والهداية إلى ما اوتي عنهم (عليهم السلام) فيها ما يصحح (4) لاهل الحق حقيقة ما رووه ودانوابه، وتؤكد حجتهم بوقوعها ويصدق ما آذنوا به منها. وإذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة وفتح مسامع قلبه، ومنحه جودة القريحة (5) وأتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات الله ________________________________________ (1) و (2) البقرة: 17 و 20. (3) في بعض النسخ " عن حقيقتها ". (4) أي قصدت بذكر ما جاء عنهم عليهم السلام - لازالة الشبهات - ما يصحح لاهل الحق ما رووه ودانوابه، ولتؤكد بذلك حجتهم. (5) منحه - كمنعه - أي اعطاه، والقريحة الطبيعة، وقريحة الشاعر أو الكاتب: ملكة يقتدر بها على نظم الشعر أو الكتابة، والجودة: الصلاح والحسن. ________________________________________