[ 22 ] كما روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: " من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه. ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول ". ولعمري ما اتى من تاه وتحير وافتتن وانتقل عن الحق وتعلق بمذاهب أهل الزخرف والباطل إلا من قلة الرواية والعلم وعدم الدراية والفهم فإنهم الاشقياء لم يهتموا لطلب العلم ولم يتعبوا أنفسهم وفى اقتنائه وروايته من معادنه الصافية على أنهم لوروواثم لم يدروا لكانوا بمنزلة من لم يرو، وقد قال جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): " اعرفوا منازل شيعتنا عندنا على قدر روايتهم عنا وفهمهم منا " فإن الرواية تحتاج إلى الدراية، و " خبر تدريه خير من ألف خبر ترويه ". وأكثر من دخل في هذه المذاهب إنما دخله على أحوال، فمنهم من دخله بغير روية ولاعلم، فلما اعترضه يسير الشبهة تاه. ومنهم من أراده طلبا للدنيا وحطامها (1) فلما أماله الغواة والدنياويون إليها مال مؤثرا لها على الدين، مغترا مع ذلك بزخرف القول غرورا من الشياطين الذين وصفهم الله عزوجل في كتابه فقال: " شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " (2). والمغتر به فهو كصاحب السراب (3) الذي يحسبه الظمآن ماء، يلمعه عند ظمائه لمعة ماء، فإذا جاء لم يجده شيئا كما قال الله عزوجل (4). ومنهم من تحلى بهذا الامر للرياء والتحسن بظاهره، وطلبا للرئاسة، و شهوة لها وشغفا بها (5) من غير اعتقاد للحق ولا إخلاص فيه، فسلب الله جماله وغير ________________________________________ (1) حطام الدنيا: ما فيها من مال، كثير أو قليل. (2) الانعام: 112. (3) كذا، ولعل الصواب " كطالب السراب ". (4) يعنى به قوله تعالى في سورة النور آية 39. (5) شعف به وشغف - بالمعجمة - أي أولع به وأحبه مفرطا. ________________________________________