[379] على مبايعة عثمان بغير رغبة ولا رهبة، فيلزم أن يكون هو الاحق، ومن كان هو الاحق كان هو الافضل، فان أفضل الخلق من كان أحق أن يقوم مقام رسول الله " ص " وأبي بكر وعمر. وانما قلنا يلزم أن يكون هو الاحق لانه لو لم يكن ذلك للزم اما جهلهم واما ظلمهم، فانه إذا لم يكن أحق وكان غيره أحق فان لم يعلموا ذلك كانوا جهالا، وان علموه وعدلوا عن الاحق الى غيره كانوا ظلمة، فتبين ان عثمان ان لم يكن أحق لزم اما جهلهم واما ظلمهم وكلاهما منتف، أما أولا فلانهم أعلم بعثمان وعلي منا، وأعلم بما قاله الرسول فيهما منا، وأعلم بما دل عليه القرآن في ذلك منا، ولانهم خير القرون فيمتنع أن نكون نحن أعلم منهم بمثل هذه المسائل، مع أنهم أحوج الى علمها منا، فانهم لو جهلوا مسائل أصول دينهم وعلمنا نحن لكنا أفضل منهم وذلك ممتنع. وكونهم علموا الحق وعدلوا عنه أعظم وأعظم، فان ذلك قدح في عدالتهم وذلك يمنع أن يكونوا خير القرون بالضرورة، ولان القرآن قد أثنى عليهم ثناءا يقتضي غاية المدح فيمتنع اجماعهم واصرارهم على الظلم الذي هو ضرر في حق الامة كلها، فان هذا ليس ظلما للممنوع من الولاية بل هو ظلم لكل من منع نفعه عن ولاية الاحق بالولاية، فانه إذا كان راعيان أحدهما هو الذي يصلح للرعاية ويكون أحق بها كان منعه من رعايتها يعود بنقص الغنم حقها من نفعه، ولان القرآن والسنة دل على أن هذه الامة خير الامم وأن خيرها أولوها، فان كانوا مصرين على ذلك لزم أن تكون هذه الامة شر الامم وأن لا يكون أولوها خيرها، ولانا نحن نعلم ان المتأخرين ليسوا مثل الصحابة فان كان اولئك ظالمين مصرين على الظلم فالامة كلها ظالمة فليست خير الامم. ________________________________________