[ 16 ] وكيف جعلت فداك ؟ قال: كأنه كوكب دري، قلت: " يوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولا غربية " قال: ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يهودي ولا نصراني قلت: " يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار " قال: يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به، قلت: " نور على نور " قال: الامام على أثر الامام. قال الصدوق رحمه الله: إن المشبهة تفسر هذه الآية على أنه ضياء السماوات و الارض، ولو كان كذلك لما جاز أن توجد الارض مظلمة في وقت من الاوقات، لا بالليل ولا بالنهار، لان الله هو نورها وضياؤها على تأويلهم، وهو موجود غير معدوم، فوجود الارض مظلمة بالليل ووجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله: " الله نور السموات والارض " هو ما قاله الرضا عليه السلام دون تأويل المشبهة، وأنه عز و جل هادي أهل السماوات والارض، والمبين لاهل السماوات والارض امور دينهم (1) ومصالحهم، فلما كان بالله وبهداه يهتدي أهل السماوات والارض إلى صلاحهم وامور دينهم كما يهتدون بالنور الذي خلقه الله لهم في السماوات والارض إلى إصلاح دنياهم قال: إنه نور السماوات والارض على هذا المعنى، وأجرى على نفسه هذا الاسم توسعا ومجازا لان العقول دالة على أن الله عزوجل لا يجوز أن يكون نورا ولاضياءا، ولامن جنس الانوار والضياء لانه خالق الانوار وخالق جميع أجناس الاشياء، وقد دل على ذلك أيضا قوله: مثل نوره وإنما أراد به صفة نوره، وهذا النور هو غيره لانه شبهه بالمصباح وضوئه الذي ذكره، ووصفه في هذه الآية ولايجوز أن يشبه نفسه بالمصباح لان الله لاشبه له ولا نظير فصح أن نوره الذي شبهه بالمصباح إنما هو دلالته أهل السماوات والارض على مصالح دينهم وعلى توحيد ربهم وحكمته وعدله ثم بين وضوح دلالته هذه و سماها نورا من حيث يهتدي بها عباده إلى دينهم وصلاحهم فقال: مثله مثل كوة وهي المشكاة فيها المصباح والمصباح هو السراج في زجاجة صافية شبيهة بالكوكب الذي هو الكوكب المشبه بالدر في لونه وهذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية يتوقد (2) ________________________________________ (1) في نسخة: امورهم. وكذا فيمأتى بعد ذلك. (2) في نسخة: توقد. (*) ________________________________________