[ 17 ] من زيت زيتونة مباركة، وأراد به زيتون الشام لانه يقال: إنه بورك فيه لاهله، و عنى عزوجل بقوله: " لا شرقية ولا غربية " أن هذه الزيتونه ليست بشرقية فلا تسقط الشمس عليها في وقت الغروب، ولا غربية ولا تسقط الشمس عليها في وقت الطلوع بل هي في أعلى شجرها، والشمس تسقط عليها في طول نهارها، فهو أجود لها وأضوء لزيتها، ثم أكد وصفه لصفاء زيتها فقال: " يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار " لما فيها من الصفاء فبين أن دلالات الله التي بهادل عباده في السماوات والارض على مصالحهم وعلى امور دينهم في الوضوح والبيان بمنزلة هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية، ويتوقد بها الزيت الصافي الذي وصفه، فيجتمع فيه ضوء النار مع ضوء الزجاجة وضوء الزيت هو معنى قوله: " نور على نور " وعنى بقوله عزوجل: " يهدي الله لنوره من يشاء " يعني من عباده وهم المكلفون ليعرفوا بذلك ويهتدوا به ويستدلوا به على توحيد ربهم وسائر امور دينهم، وقد دل الله عزوجل بهذه الآية وبما ذكره من وضوح دلالاته وآياته التي دل بها عباده على دينهم أن أحدا منهم لم يؤت فيما صار إليه من الجهل ومن تضييع الدين لشبهة ولبس دخلا عليه في ذلك من قبل الله عزوجل إذ كان الله عزوجل قد بين لهم دلالاته وآياته على سبيل ما وصف، وأنهم إنما اوتوا في ذلك من قبل نفوسهم (1) بتركهم النظر في دلالات الله والاستدلال بها على الله عزوجل وعلى صلاحهم في دينهم، وبين أنه بكل شئ من مصالح عباده ومن غير ذلك عليم. وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل: " الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح " فقال: هو مثل ضربه الله لنا فالنبي والائمة صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد ومصالح الدين وشرائع الاسلام والسنن والفرائض، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 5 - فس: حميد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، (2) ________________________________________ (1) وفى نسخة: من قبل أنفسهم. (2) هو طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي، ويقال: الخزرجي العامي، روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام له كتاب، قاله النجاشي. ووصفه الشيخ في رجاله بالتبرى، وفى فهرسه بأنه عامى المذهب. ________________________________________