[ 394 ] التكليف، وليس هذا من باب التخفيفات، كما قاله الفقهاء، بل هو في حقه غاية التشديد (1) إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في الشوارع خوفا من ذلك، ولهذا قالت عايشة: لو كان صلى الله عليه واله يخفى آية لاخفى هذه. الرابع: انعقاد نكاحه بغير ولي وشهود، وهو عندنا ثابت في حقه صلى الله عليه واله وحق امته (2) إذ لا نشترط نحن ذلك، وللشافعية وجهان. الخامس: انعقاد نكاحه في الاحرام، وللشافعية فيه وجهان: أحدهما الجواز، لما روي أنه صلى الله عليه واله نكح ميمونة محرما، والثاني المنع كما لم يحل له الوطئ في الاحرام، والمشهور عندهم أنه نكح ميمونة حلالا. السادس: هل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث إذا باتت عند واحدة منهن ليلة وجب عليه أن يبيت عند الباقيات كذلك أم لا يجب ؟ قال الشهيد الثاني رحمه الله: اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: لا يجب عليه ذلك لقوله تعالى: " ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك (3) " ومعنى ترجي تؤخر ________________________________________ (1) فيه تأمل واضح يعلم بمراجعة الاية وتفسيرها، ولعله يأتي الكلام فيه في بابه. (2) في ثبوت جواز النكاح بغير ولي مطلقا في حق امته محل تأمل بل منع. (3) الاحزاب: 51. قال الطبرسي في معناه: أي تؤخر وتبعد من تشاء من أزواجك، وتضم إليك من تشاء منهن، واختلف في معناه على اقوال: احدها: أن المراد تقدم من تشاء من نسائك في الايواء إليك وهو الدعاء للفراش، وتؤخر من تشاء في ذلك، وتدخل من تشاء منهن في القسم، ولا تدخل من تشاء، عن قتادة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم بين أزواجه وأباح الله له ترك ذلك. ثانيها: أن المراد تعزل من تشاء منهن بغير طلاق، وترد إليك من تشاء منهن بعد عزلك إياها بلا تجديد عقد. ثالثها: أن المراد تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء. رابعها: أن المراد تترك نكاح من تشاء من نساء امتك، وتنكح منهن من تشاء، عن الحسن، قال: وكان صلى الله عليه وآله إذا خطب امرأة لم يكن لغيره أن يخطبها حتى يتزوجها أو يتركها. خامسها: تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتى يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك، وتترك من تشاء منهن فلا تقبلهما. " ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك " أي إن أردت أن تؤوى إليك امراة ممن عزلتهن عن ذلك وتضمها إليك فلا سبيل عليك بلوم ولا عتب، ولا إثم عليك في ابتغائها، أباح الله سبحانه له ترك القسم في النساء حتى يؤخر من يشاء عن وقت نوبتها، ويطأ من يشاء في غير وقت نوبتها، وله أن يعزل من يشاء، وله أن يرد المعزولة إن شاء، فضله الله بذلك على جميع الخلق. ________________________________________