[141] أما بعد فلما كان المولى الاولى الفاضل الكامل الصالح الناصح المتبحر النحرير المتوقد الذكى جامع فنون العلم وأصناف الكمالات، حائز قصبات السبق في مضامير السعادات محيي مدارس العلم بأنفاسه المسيحية، ومروي بساتين الفضل بأنهار أفكاره الاريحية، الفائق على البلغاء نظما ونثرا والغائض في بحار الحكمة دهرا أعنى مولانا (1) مسيح الدين محمد الشيرازي بلغه الله غاية الامال والاماني، قد صرف برهة من عمره الشريف في تحصيل العلوم العقلية والادبية، التي يتزين بها الناس في هذا الزمان، ويتفاخر بها بين الاقران. فلما بلغ الغاية القصوى في مناكبها، ورمى بأرواقه عن مراكبها، وعلم أن للعلم أبوابا لا يؤتى إلا منهم، وللحق أصحابا لا يؤخذ إلا عنهم (2) أقبل بقدمي الاذعان واليقين، نحو تتبع آثار سيد المرسلين، وتصفح أخبار الائمة الطاهرين، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين فبذل فيها جهده وجده، واستفرغ لها وكده وكده، فلما شرفت بصحبته حديثا بعد أن كانت الاخوة بيني وبينه قديما وفاوضته في فنون من العلوم العقلية والنقلية، وجدته بحرا زاخرا من العلم لا يساحل، وألفيته حبرا ماهرا في الفضل لا يناضل، ثم إنه زيد فضله، لما أراد أن يتأسى بسلفنا الصالحين، وينتظم في سلك رواة أخبار أئمة الحق والدين، سلام الله ________________________________________ (1) في أعلى صفحة الاصل بخطه قدس سره: [السيد الايد الحسيب النجيب اللبيب الاريب] والظاهر أنه قدس سره، أراد أن يلحقها بهذا الموضع. لكن في طبعة الكمبانى جعل هذا وما يأتي في التعليقة الاتية متصلا ملحقا بالعنوان، فاختلط الكلام بما لا مزيد عليه. (2) في أعلى الصفحة من نسخة الاصل بعد ما مر في التعليقة الاولى: [وعلم أن الاغتراف من النهر العظيم خير من مص الثماد والورود على مناهل العلم أفضل من ارتياد العسف اللداد] والظاهر أنه قدس سره أراد أن يجعلها ههنا بدلا عما كتب أولا. ________________________________________