[33] قوله عليه السلام: " في أعلى الوادي " ظاهره الفوقية بحسب القرار، ويحتمل الجهة أيضا، والمعنى أن البئر أعلى من الوادي الذي يجري فيه البول، وكذا قوله " في أسفل الوادي " أي أسفل من الوادي " ويمر الماء " أي البول " عليها " أي مشرفا عليها بعكس السابق، والتعبير عن وادي البول بالماء للاشعار بأن الوادي قد وصل إلى الماء. قوله: " فان كان مجرى البول بلزقها " الظاهر أن السابق كان حكم ما إذا وصلت بالوعة البول الماء، وهذا الذي سأله زرارة حكم ما إذا لم يصل إلى الماء ففصل عليه السلام فيه بأنه إذا كان كل البول أو أكثره يستقر في مكان قريب من البئر، يلزم التباعد بالقدرين المذكورين أيضا، وإن كان لا يستقر منه شئ أصلا أو يستقر منه شئ قليل، فانه لا يثقب الأرض بكثرة المكث " ولا قعر له " أي لم يصل إلى الماء حتى يتصل إلى الماء بمجاريه فلا يضر قربهما. وهذا التفصيل لم أر قائلا به، ومن استدل به من الأصحاب على مقدار البعد لم يتفطن لذلك ولم يتعرض له والمشهور بينهم أن مع عدم بلوغ البالوعة الماء لا يستحب التباعد مطلقا ويمكن تأويله على ما يوافق المشهور بأن يكون المراد بعدم القرار وعدم القعر عدم الوصول إلى الماء. وقوله عليه السلام: " إنما ذلك إذا استنقع كله " أي إذا كان له منافذ ومجاري إلى البئر فانه حينئذ يستنقع كله، ولا يخفى بعده، والتفصيل الذي يستفاد منه قريب من التجربة والاعتبار، فان التجربة شاهدة بأنه إذا استقر بول كثير في مكان قريب من البئر زمانا طويلا فلا محالة يصل أثره إلى البئر، وإن لم يصل إلى الماء، والله تعالى يعلم حقايق الأحكام وحججه الكرام عليهم السلام. ________________________________________