[22] المخلوقين بنظري إليهم، ولا يرفعوا الحوائج إلى الخلق، بطونهم خفيفة من أكل الحلال، نعيمهم في الدنيا ذكري، ومحبتي ورضاي عنهم يا أحمد إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا وارغب في الاخرة فقال: يا إلهي كيف أزهد في الدنيا وأرغب في الاخرة ؟ قال: خذ من الدنيا خفا (1) من الطعام والشراب واللباس ولا تدخر لغد، ودم على ذكري. فقال: يا رب و كيف أدوم على ذكرك ؟ فقال: بالخلوة عن الناس، وبغضك الحلو والحامض، و فراغ بطنك وبيتك من الدنيا. يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الاخضر والاصفر أحبه وإذا اعطى شئ من الحلو والحامض اغتر به، فقال: يا رب دلني على عمل أتقرب به إليك، قال: اجعل ليلك نهارا، ونهارك ليلا، قال: يا رب كيف ذلك ؟ قال: اجعل نومك صلاة، وطعامك الجوع. يا أحمد وعزتي وجلالي ما من عبد مؤمن، ضمن لي بأربع خصال إلا أدخلته الجنة: يطوي لسانه فلا يفتحه إلا بما يعنيه، ويحفظ قلبه من الوسواس، ويحفظ علمي ونظري إليه، وتكون قرة عينه الجوع. يا أحمد لو (2) ذقت حلاوة الجوع والصمت والخلوة وما ورثوا منها، قال: يا رب ما ميراث الجوع ؟ قال: الحكمة، وحفظ القلب، والتقرب إلي، والحزن الدائم، وخفة المؤونة بين الناس، وقول الحق، ولا يبالي عاش بيسر أو بعسر. يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى الله ؟ قال: لا يا رب، قال: إذا كان جايعا أو ساجدا. يا أحمد عجبت من ثلاثة عبيد: عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدام من هو، وهو ينعس (3) وعجبت من عبد له قوت يوم من الحشيش أو غيره وهو يهتم لغد، وعجبت من عبد لا يدري أني راض عنه أم ساخط عليه وهو يضحك. ________________________________________ (1) بكسر الخاء من الخفيف. (2) للتمني. (3) النعاس أول النوم وهو الحالة التى يحتاج الانسان فيها إلى النوم. ________________________________________