[23] يا أحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة، ودرة فوق درة ليس فيها قصم ولا وصل، فيها الخواص، أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة واكلمهم، كلما نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا، وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي. قال: يا رب ما علامات اولئك ؟ قال: هم في الدنيا مسجونون، قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام، وبطونهم من فضول الطعام. يا أحمد إن المحبة لله هي المحبة للفقراء، والتقرب إليهم، قال: يا رب و من الفقراء ؟ قال: الذين رضوا بالقليل، وصبروا على الجوع، وشكروا على الرخاء، ولم يشكروا جوعهم ولا ظمأهم، ولم يكذبوا بألسنتهم، ولم يغضبوا على ربهم ولم يغتموا على ما فاتهم، ولم يفرحوا بما آتاهم. يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء وقرب مجلسهم منك ادنك، و بعد الاغنياء، وبعد مجلسهم منك فان الفقراء أحبائي. يا أحمد لا تتزين بلين اللباس، وطيب الطعام، ولين الوطاء، فان النفس مأوى كل شر، وهي رفيق كل سوء، تجرها إلى طاعة الله، وتجرك إلى معصيته وتخالفك في طاعته. وتطيعك فيما تكره، وتطغى إذا شبعت، وتشكو إذا جاعت، و تغضب إذا افتقرت، وتتكبر إذا استغنت، وتنسى إذا كبرت، وتغفل إذا أمنت وهي قرينة الشيطان، ومثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير وإذا حمل عليها لا تطير، ومثل الدفلي (1) لونه حسن وطعمه مر. يا أحمد أبغض الدنيا وأهلها وأحب الآخرة وأهلها، قال: يا رب ومن أهل الدنيا ومن أهل الآخرة ؟ قال: أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه وغضبه قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه، ولا يقبل معذرة من اعتذر إليه، كسلان عند الطاعة، شجاع عند المعصية، أمله بعيد وأجله قريب، لا يحاسب نفسه، قليل المنفعة، كثير الكلام، قليل الخوف، كثير الفرح عند الطعام، وإن أهل الدنيا ________________________________________ (1) بكسر الدال وسكون الفاء والف مقصورة نبت زهره كالورد الاحمر. يقال له بالفارسية (خر زهره) ورقها كورق الخلاف مر الطعم محلل نافع من الحكة والجرب. ________________________________________