[41] " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " (1) وقال في آخر هذه السورة: " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " (2) وقال: " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة " (3) هذا هو الجواب المعتمد. الوجه الثاني أن كل ما كان في القلب مما لا يدخل في العمل فانه في محل العفو وقوله " وإن تبدوا " إلى آخرها فالمراد منه أن يدخل ذلك العمل في الوجود إما ظاهرا أو على سبيل الخفية، وأما ما يوجد في القلب من العزائم والارادات ولم يتصل بالعمل، فكل ذلك في محل العفو، وهذا الجواب ضعيف لان أكثر المؤاخذات إنما يكون بأفعال القلوب، ألا ترى أن اعتقاد الكفر والبدع ليس إلا من أعمال القلوب، وأعظم أنواع العقاب مرتب عليه أيضا، وأفعال الجوارح إذا خلت من أعمال القلوب، لا يترتب عليها عقاب، كأفعال النائم والساهي فثبت ضعف هذا الجواب. والوجه الثالث أنه تعالى يؤاخذ بها ومؤاخذتها من الغموم في الدنيا وروى في ذلك خبرا عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وآله. الوجه الرابع أنه تعالى قال: " يحاسبكم به الله " ولم يقل يؤاخذكم به الله وقد ذكرنا في معنى كونه حسيبا ومحاسبا وجوها منها كونه عالما بها، فرجع المعنى إلى كونه تعالى عالما بالضمائر والسرائر، وروي عن ابن عباس أنه تعالى إذا جمع الخلائق يخبرهم بما كان في نفوسهم، فالمؤمن يخبره ويعفو عنه، وأهل الذنوب يخبرهم بما أخفوا من التكذيب والذنب. الوجه الخامس أنه تعالى ذكر بعد هذه الاية " فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " فيكون الغفران نصيبا لمن كان كارها لورود تلك الخواطر، والعذاب لمن كان مصرا عليها مستحسنا لها. الوجه السادس قال بعضهم: المراد بهذه الاية كتمان الشهادة، وهو ضعيف وإن كان واردا عقيبه. ________________________________________ (1 و 2) البقرة: 225 و 286. (3) النور: 19. ________________________________________