[40] فقال " والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " فقال الله عزوجل: لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك، فقال النبي " سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " يعني المرجع في الاخرة، فأجابه قد فعلت ذلك بتائبي امتك قد أوجبت لهم المغفرة ثم قال الله تعالى: أما إذا قبلتها أنت وامتك وقد كانت عرضت من قبل على الانبياء والامم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن امتك فقال الله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت " من خير " و عليها ما اكتسبت " من شر، ألهم الله عزوجل نبيه أن قال " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال الله سبحانه: أعطيتك لكرامتك إلى آخر الخبر (1). وأما المخالفون فهم اختلفوا في ذلك قال الرازي في تفسير هذه الاية: يروى عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الاية جاء أبو بكر وعمر و عبد الرحمان بن عوف ومعاذ وناس إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله كلفنا من العمل مالا نطيق إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وإنه لذنب فقال النبي صلى الله عليه وآله فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل سمعنا وعصينا، فقولوا سمعنا و أطعنا، فقالوا سمعنا وأطعنا واشتد ذلك عليهم فمكثوا في ذلك حولا فأنزل الله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " فنسخت هذه الاية، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله تجاوز عن امتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو تكلموا به. واعلم أن محل البحث في هذه الاية أن قوله " إن تبدوا " الخ يتناول حديث النفس والخواطر الفاسدة التي ترد على القلب، ولا يتمكن من دفعها، فالمؤاخذة بها تجري مجرى تكليف مالا يطاق، والعلماء أجابوا عنه من وجوه: الاول أن الخواطر الحاصلة في القلب على قسمين فمنها ما يوطن الانسان نفسه عليه والعزم على إدخاله في الوجود، ومنها ما لا يكون كذلك، بل يكون امورا خاطرة بالبال مع أن الانسان يكرهها ولكنه لا يمكنه دفعها عن نفسه، فالقسم الاول يكون مؤاخذا به، والثاني لا يكون مؤاخذا به، ألا ترى إلى قوله تعالى: ________________________________________ (1) ارشاد القلوب المجلد الثاني. ________________________________________