[ 12 ] قالوا: فوقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وعلى الرجل والمتعصبين له من الحزن والغم مثل ما لحقنا من السرور، فلما رجعنا إلى الإمام قال لنا: إن الذي في السماوات من الفرح والطرب بكسر هذا العدو لله كان أكثر مما كان بحضرتكم والذي كان بحضرة إبليس وعتاة (1) مردته من الشياطين من الحزن والغم أشد مما كان بحضرتهم، ولقد صلى على هذا الكاسر له ملائكة السماء والحجب والكرسي، وقابلها الله بالإجابة فأكرم إيابه وعظم ثوابه، ولقد لعنت تلك الملائكة عدو الله المكسور وقابلها الله بالإجابة فشدد حسابه وأطال عذابه. بيان: التسمع: الاستماع. وأكسر غرته أي غلبته وشوكته. والفل: الكسر. والحد: طرف السيف وغيره، ومن الرجل بأسه وشدته أي أكسر حدته وبأسه، ولا تبق له باقية أي حجة باقية. فأكرم إيابه أي رجوعه إلى الله عز وجل. 24 - م: قال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام إن رجلا جاء إلى علي بن الحسين عليهما السلام برجل يزعم أنه قاتل أبيه، فاعترف، فأوجب عليه القصاص، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه فكأن نفسه لم تطب بذلك، فقال علي بن الحسين عليه السلام للمدعي للدم الولي المستحق للقصاص: إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلا فهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذنب. قال: يا ابن رسول الله له على حق ولكن لم يبلغ أن أعفو له عن قتل والدي. قال: فتريد ماذا ؟ قال: اريد القود (2)، فإن أراد لحقه على أن اصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه، فقال على بن الحسين عليهما السلام: فماذا حقه عليك ؟ قال: يا ابن رسول الله لقنني توحيد الله ونبوة محمد رسول الله، وإمامة علي والأئمة عليهم السلام، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: فهذا لا يفي بدم أبيك ؟ بلى والله هذا يفي بدماء أهل الأرض كلهم من الأولين والآخرين سوى الأنبياء والأئمة عليهم السلام إن قتلوا، فإنه لا يفي بدمائهم شئ أن يقنع منه بالدية. قال: بلى، قال علي بن الحسين للقاتل: أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتى أبذل لك الدية فتنجو بها من القتل ؟ قال: يا ابن رسول الله أنا محتاج إليها، وأنت مستغن عنها فإن ________________________________________ (1) العتات جمع عاة: من استكبر وجاوز الحد. (2) القود بفتح القاف والواو: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل. ________________________________________