[12] جمالا للحج، فرأى امرأة علوية على بعض المزابل تنتف ريش بطة ميتة، قال: فتقدمت إليها فقلت: ولم تفعلين هذا ؟ فقالت: يا عبد الله لا تسأل عما لا يعنيك، قال: فوقع في خاطري من كلامها شئ، فألححت عليها فقالت: يا عبد الله قد ألجأتني إلى كشف سري إليك. أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامى، مات أبوهن من قريب وهذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئا، وقد حلت لنا الميتة، فأخذت هذه البطة اصلحها وأحملها إلى بناتي يأكلنها، قال: فقلت في نفسي: ويحك يا ابن المبارك أين أنت عن هذه ؟ فقلت: افتحي حجرك، ففتحت فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مطرقة لا تلتفت، قال: ومضيت إلى المنزل ونزع الله من قلبي شهوة الحج في ذلك العام ثم تجهزت إلى بلادي فأقمت حتى حج الناس وعادوا، فخرجت أتلقى جيراني وأصحابي، فجعل كل من أقول له: قبل الله حجك وشكر سعيك، يقول لي: وأنت قبل الله حجك وشكر سعيك، إنا قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا، وأكثر الناس علي في القول، فبت متفكرا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام وهو يقول لي: يا عبد الله لا تعجب فإنك أغثت ملهوفة من ولدي، فسألت الله أن يخلق على صورتك ملكا يحج عنك كل عام إلى يوم القيامة، فإن شئت أن تحج وإن شئت لا تحج. ونقل ابن الجوزي (1) في كتابه قال: قرأت في الملتقط - وهو كتاب لجده أبي - الفرج بن الجوزي - قال: كان ببلخ رجل من العلويين نازلا بها وله زوجة وبنات فتوفي، قالت المرأة: فخرجت بالبنات إلى سمرقند خوفا من شماتة الاعداء، و اتفق وصولي في شدة البرد، فأدخلت البنات مسجدا فمضيت لاحتال في القوت، فرأيت الناس مجتمعين على شيخ، فسألت عنه فقالوا: هذا شيخ البلد، فشرحت له حالي فقال: أقيمي عندي البينة أنك علوية، ولم يلتفت إلي، فيئست منه وعدت إلى المسجد، فرأيت في طريقي شيخا (2) جالسا على دكة وحوله جماعة، فقلت: ________________________________________ (1) يعنى سبط ابن الجوزى مؤلف تذكرة الخواص ومن هنا يعرف أنهم قد يطلقون " ابن الجوزى " على سبطه بتلك القرينة. (2) في المصدر: شخصا. ________________________________________