[11] يدري ما يصنع في قضيته، فإن ورود واحد من الخارج متعذر مع هذه العلامات ولم يسرق من الدار شئ البتة، ولم تزل الجيران وغيرهم في السجن إلى ورود الحاج (1) من مكة، فلقي الجيران في السجن فسأل عن ذلك فقيل: إن في الليلة الفلانية وجدوا فلانا مذبوحا في داره ولم يعرف قاتله، ففكر (2) وقال لاصحابه: أخرجوا صورة المنام، فإذا هي ليلة القتل، ثم مشى هو والناس بأجمعهم إلى دار المقتول، فأمر بإخراج الملحفة وأخبرهم بالدم فيها، فوجدوها كما قال، ثم أمر برفع المردم (3) فرفع فوجد السكين تحته، فعرفوا صدق منامه، وافرج عن المحبوسين ورجع أهله إلى الايمان، وكان ذلك من ألطاف الله تعالى في حق بريته. وكان في الحلة شخص من أهل الدين والصلاح ملازم لتلاوة الكتاب العزيز، فرجمه الجن فكان تأتي الحجارة من الخزائن والروازن المسدودة، وألحوا عليه بالرجم وأضجروه، وشاهدت أنا الموضع التي (4) كان يأتي الرجم منها، ولم يقصر في طلب العزائم والتعاويذ ووضعها في منزله وقراءتها فيه، ولم ينقطع عنه الرجم مدة، فخطر بباله أنه دخل ووقف على باب البيت الذي كان يأتي الرجم منه، فخاطبهم وهو لا يراهم، فقال: والله لئن لم تنتهوا عني لاشكونكم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فانقطع عنه الرجم في الحال ولم يعد إليه. ونقل ابن الجوزي وكان حنبلي المذهب في كتاب تذكرة الخواص: كان عبد الله بن المبارك يحج سنة ويغزو (5) سنة، وداوم عليه على ذلك خمسين سنة، فخرج في بعض سني الحج وأخذ معه خمسمائة دينار إلى موقف الجمال بالكوفة ليشتري ________________________________________ (1) في المصدر: إلى ان ورد الحاج. (2) في المصدر: فكبر. (3) ثوب مردم - بتشديد الدال -: خلق مرقع. (4) في المصدر، المواضع التى وفى (خ) و (م): الموضع الذى. (5) في المصدر: ويعمر. ________________________________________