‹ صفحة 53 › قال : فخرجت من عنده وعسكرت ، وقام معاوية وندب الناس إلى ذلك ، فما مرت بي ثلاثة حتى خرجت في ستة آلاف ، ثم لزمت شاطئ الفرات فأسرعت السير حتى مررت بهيت ، فبلغهم أني قد غشيتهم فقطعوا الفرات ، فمررت بها وما بها عريب . ( 1 ) كأنها لم تحلل قط فوطئتها حتى مررت بصندوداء ، فتنافروا فلم ألق بها أحدا ، فمضيت حتى أفتتح الأنبار وقد أنذروا بي ، فخرج إلي صاحب المسلحة فوقف لي ، فلم أقدم عليه حتى أخذت غلمانا من أهل القرية فقلت لهم : خبروني كم بالأنبار من أصحاب علي ؟ قالوا : عدة رجال المسلحة خمسمائة ، ولكنهم قد تبددوا ورجعوا إلى الكوفة ولا ندري الذي يكون فيها قد يكون مائتي رجل . قال : فنزلت فكتبت أصحابي كتائب ، ثم أخذت أبعثهم إليه كتيبة بعد كتيبة ، فيقاتلونهم والله ويصبرون لهم ويطاردونهم في الأزقة ! فلما رأيت ذلك أنزلت إليهم نحوا من مائتين ثم أتبعتهم الخيل ، فلما مشت إليهم الرجال وحملت عليهم الخيل فلم يكن إلا قليلا حتى تفرقوا وقتل صاحبهم في رجال من أصحابه ، فأتيناه في نيف وثلاثين رجلا فحملنا ما كان في الأنبار من أموال أهلها ثم انصرفت ، فوالله ما غزوت غزوة أسلم ولا أقر للعيون ولا أسر للنفوس منها ، وبلغني والله أنها أفزعت الناس . فلما أتيت معاوية فحدثته الحديث على وجهه قال : كنت والله عند ظني بك . قال : فوالله ما لبثنا إلا يسيرا حتى رأيت رجال أهل العراق يأتون على الإبل هرابا من قبل علي عليه السلام . وعن جندب بن عفيف قال : والله إني لفي جند الأنبار مع أشرس بن حسان البكري ، إذ صبحنا سفيان في كتائب تلمع الأبصار منها ، فهالونا والله ، وعلمنا إذ رأيناهم أنه ليس لنا بهم طاقة ولا يد ، فخرج إليهم صاحبنا وقد تفرقنا ، فلم يلقهم نصفنا ولم يكن لنا بهم طاقة . وأيم الله لقد قاتلناهم ثم إنهم ___________________________ ( 1 ) فعمرو حريب ، وفي أصلي وخرب الأموال وفي الغارات : وأحرب ( 1 ) يقال : ما بالدار معرب أو عريب أي ما فيها أحد . ‹ هامش ص 56 › ( 1 ) رواه في الحديث : ( 174 ) وما بعده من كتاب الغارات : ج 2 ، ص 485 - 492 ط 1 .