‹ صفحة 54 › والله هزمونا ، فنزل صاحبنا وهو يتلو ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) [ 23 / الأحزاب : 33 ] ثم قال لنا : من كان لا يريد لقاء الله ولا يطيب نفسا بالموت فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم فإن قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب ، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار . ثم نزل في ثلاثين رجلا قال : فهممت والله بالنزول معه ثم إن نفسي أبت واستقدم هو وأصحابي فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله ، فلما قتلوا أقبلنا منهزمين . وبإسناده عن محمد بن مخنف : أن سفيان بن عوف لما أغار على الأنبار قدم علج من أهلها على علي عليه السلام فأخبره الخبر فصعد المنبر فقال : أيها الناس ! إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار ، وهو مغتر لا يظن ما كان فاختار ما عند الله على الدنيا ، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم ، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا . ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلموا أو يتكلم متكلم منهم بخير ، فلما رأى صمتهم على ما في أنفسهم ، خرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة ، [ والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من الأشراف ] فقالوا : إرجع يا أمير المؤمنين نحن نكفيك . فقال : ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم . فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله فرجع وهو واجم كئيب . ودعا سعيد بن مسلم الهمداني فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف وقال : إتبع هذا الجيش حتى تخرجهم من أرض العراق . فخرج على شاطئ الفرات في طلبه حتى إذا بلغ عانات ، سرح سعيد أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني فأتبع آثارهم حتى بلغ أداني أرض قنسرين وقد فاتوه ثم انصرف . قال فلبث علي عليه السلام ترى فيه الكآبة والحزن حتى قدم سعيد ، فكتب كتابا وكان في تلك الأيام عليلا ، فلم يطق القيام في الناس بكل ما أراد