‹ صفحة 29 › الحكمين ، تحمل إليه مقبلا هاله ذلك ، فخرج من دمشق معسكرا ، وبعث إلى كور الشام ، فصاح بها [ فيها " خ ل " ] إن عليا قد سار إليكم . وكتب إليهم نسخة واحدة ، فقرئت على الناس ، أما بعد ، فإنا كنا كتبنا بيننا وبين علي كتابا ، وشرطنا فيه شروطا ، وحكمنا رجلين يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب ، لا يعدوانه ، وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد ، ولم يمض الحكم ، وإن حكمي الذي كنت حكمته أثبتني ، وإن حكمه خلعه ، وقد أقبل إليكم ظالما ، " ومن نكث فإنما ينكث على نفسه " تجهزوا للحرب ، بأحسن الجهاز ، وأعدوا آلة القتال ، وأقبلوا خفافا وثقالا وكسالا ونشاطا ، يسرنا الله وإياكم لصالح الأعمال . فاجتمع إليه ناس من كل كورة ، وأرادوا المسير إلى صفين ، فاستشارهم فاختلفوا في ذلك ، فمكثوا يجيلون الرأي يومين أو ثلاثة ، حتى قدمت عليهم عيونهم ، أن عليا عليه السلام اختلف عليه أصحابه ، ففارقته منه فرقة أنكرت أمر الحكومة ، وأنه قد رجع عنكم إليهم ، فكبر الناس سرورا لانصرافه عنهم ، وما ألقي من الخلاف بينهم . فلم يزل معاوية معسكرا في مكانه ، حتى جاء الخبر أن عليا عليه السلام ، قد قتل أولئك الخوارج ، وأنه أراد بعد قتلهم أن يقبل إليه بالناس ، وأنهم استنظروه ودافعوه ، فسر بذلك هو ومن قبله من الناس . وعن عبد الرحمن بن مسعدة قال : جاءنا كتاب عمارة بن عقبة بن أبي معيط من الكوفة ، ونحن معسكرون مع معاوية نتخوف أن يفرغ علي من خارجته ، ثم يقبل إلينا ، وكان في كتابه : أما بعد فإن عليا خرج عليه علية أصحابه ونساكهم ، فخرج إليهم فقتلهم ، وقد فسد عليه جنده وأهل مصره ، ووقعت بينهم العداوة وتفرقوا أشد الفرقة ، فأحببت إعلامك . والسلام . قال فقرأه [ معاوية ] على أخيه وعلى أبي الأعور ، ثم نظر إلى أخيه الوليد بن عقبة وقال : لقد رضي أخوك أن يكون لنا عينا . قال : فضحك الوليد وقال :