[ 284 ] من الميل الى الله سبحانه بالقيام بأوامره، واجتناب مساخطه فانه إذا كان موصوفا بهذه جعل صمته حمدا، وهذا مثل قوله عليه السلام: وان قلت صلوته. ويقرب من هذا قوله عليه السلام: يكفى من الدعاء مع البر ما يكفى الطعام من الملح فقد اتكفى باليسير من الدعاء مع افعال الخير، واخبر ان الكثير من الدعاء والذكر مع عدم اجتناب النواهي غير مجد كما في قوله عليه السلام مثل الذى يدعو بغير عمل كمثل الذى يرمى بغير وتر. وفى قوله عليه السلام الدعاء مع اكل الحرام كالبناء على الماء. وفى الوحى القديم: والعمل مع اكل الحرام كنا قل الماء في المتخل (1). وقال عليه السلام: واعلم انكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالاوتار ما نفعكم ذلك الا بورع حاجز (2). وقال عليه السلام: اصل الدين الورع كن ورعا تكن أعبد الناس كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل بغيره فانه لا يقل عمل بالتقوى وكيف يقل عمل يتقبل ؟ لقول الله عزوجل (انما يتقبل الله من المتقين) فكان التقوى مدار قبول العمل (3). واعلم أن الصادق عليه السلام سئل عن تفسير التقوى فقال عليه السلام: ان لا يفقدك الله حيث ________________________________________ (1) المنخل: ما ينخل به الدقق يقال: نخلت الدقيق: غربلته (ا لمجمع). (2) الحنايا: هي جمع حنيئة يقال: حتى يده حناية، لواها أي أعوجها (اقرب) الوتر بالتحريك واحد اوتار القوس (المجمع) (3) المائدة: 30. قال في (مرآت): قيل للورع اربع درجات: الاولى ورع التا ئبين وهو ما يخرج به الانسان من الفسق وهو المصحح لقبول الشهادة. الثانية ورع الصالحين وهو الاجتناب عن الشبهات خوفا منها ومن الوقوع في المحرمات. الثالثة ورع المتقين وهو ترك الحلال خوفا من ان ينجر الى الحرام مثل ترك التحدث بأحوال الناس مخافة ان ينجر الى الغيبة. الرابعة ورع السالكين وهو الاعراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر فيها لا يفيد زيادة القرب منه تعالى وان علم انه لا ينجر الى الحرام (*). ________________________________________