[ 283 ] ختم وارشاد وإذا قد عرفت فضل الدعاء والذكر، وعرفت ان الافضل من كل منهما ما كان سرا وانه يعدل سبعين ضعفا من الجهر، فاعلم ان قول احدهما فيما رواه زرارة: فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله لعظمته (1) ايماء الى قسم ثالث من اقسام الذكر اعلى من الاولين اعني الجهر والسر، وهو الذى يكون في نفس الرجل لا يعلمه غير الله. ثم اعلم ان وراء هذه الاقسام الثلاثة قسم رابع من اقسام الذكر وهو افضل منها بأجمعها وهو ذكر الله سبحانه عند اوامره ونواهية فيفعل الاوامر ويترك النواهي خوفا منه ومراقبة له. روى أبو عبيدة الخزاعى عن ابى عبد الله عليه السلام قال: قال لى: ألا اخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه ؟ قال: بلى ثم قال: من اشد ما فرض الله انصافك الناس من نفسك. ومواساتك اخاك المسلم في مالك وذكر الله كثيرا أما انى لا اعني (سبحان الله وا لحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) وان كان منه، ولكن ذكر الله تعالى عندما احل وحرم ا ن كان طاعة عمل بها وان كان معصية تركها. ومثل هذا قول جده سيد المرسلين: من اطاع الله فقد ذكر الله كثيرا وان قلت صلوته وصيامه وتلاوته القرآن. فقد جعل طاعة الله هي الذكر الكثير مع قلة الصلوة والصيام والتلاوة (2). ومثل قوله صلى الله عليه واله: ان الله جل ثنائه يقول: لست كل كلام الحكيم أتقبل ولكن هواه وهمه، وان كان هواه فيما احب وارضى جعلت صمته حمدا لى ووقارا وان لم يتكلم. فانظر كيف جعل مدار القبول، والثواب ما في النفس من ذكر الله والطمأنينة إليه والمراقبة له، وانه لا يقبل كل الكلام، بل انما يقبل منه ما كان مطابقا لما في القلب ________________________________________ (1) وتقدمت رواية زرارة في ص 244 مع معناه ذيلا (2) وقد مضى معنى الذكر الكثير في ص 234 ذيلا من اراد يرجع (*). ________________________________________