[ 27 ] وتحقق انك مع هذا البعد والحقارة عن مولاك وقعودك بأثقالك متخلفا عن السابقين ومنفردا عن المخذولين (1) ان تخاذلت ساكتا عن الاستغاثة بمولاك ومتقاعسا (2) عن الاستقامة في طلب هداك يوشك ان ينهز (3) بك الشيطان فرصة الظفر، فتعلق بك مخالبه (4) فتنشب (5) في حبائله فلا تقدر على الخلاص وتلحق بالاشقياء المعذبين. بل عليك بكثرة الاستغاثة والصراخ (6) قبل ان تعلق بك الفخاخ (7) ولازم قرغ الباب عسى ان يرفع بك الحجاب، وقل بلسان الخجل والانكسار في مناجات ملك الجبار: الهى وسيدي ومولاى ان كان ما طلبته من جودك وسئلته من كرمك غير صالح لى في دينى ودنيا وان المصلحة لى في منع اجابتي فرضنى مولاى بقضائك وبارك لى في قدرك حتى لا احب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، واجعل نفسي راضية مطمئنة بما يرد على منك، وخرلى واجعله احب الى من غيره وآثر (8) عندي مما سواه. وان كان منعك اجابتي واعراضك عن مسئلتي لكثرة ذنوبي وخطاياى فانى اتوسل اليك بانك ربى وبمحمد نبيى وباهل بيته الطيبين الطاهرين ساداتي، وبغناك عنى وبفقرى اليك وباني عبدك، وانما يسئل العبد سيده والى من حينئذ منقلبنا عنك ؟ والى اين مذهبنا عن بابك ؟ وانت الذى لا يزيده المنع ولا يكيده (9) الاعطاء وانت اكرم الاكرمين وأرحم الراحمين. ________________________________________ (1) خذله خذلا إذا ترك عونه ونصرته (2) يتقاعس: يتأخر. (3) النهزة: الفرصة. (4) مخلب الطائر بكسر الميم وفتح اللام بمنزلة الظفر للانسان. (5) نشب في الشيئ: وقع فيما لا مخلص منه. (6) الصراخ: الصياح بالاستغاثة. (7) الفخ: آلة يصطاد بها، والمراد بالفخاخ الشيطان الصياد للانسان (المجمع) (8) آثره ايثارا: اختاره واكرمه (اقرب). (9) لايتكائدك عفواى لا يصعب عليك. (المجمع) (*). ________________________________________