[ 18 ] فان قلت: قد ورد عن ابى جعفر الجواد (ع) انه قال: ما استوى رجلان في حسب (1) ودين قط الا كان افضلهما عند الله عزوجل ادبهما (2) قال: قلت: جعلت فداك قد علمت فضله عند الناس في النادى (3) والمجالس فما فضله عند الله عزوجل ؟ قال (ع): بقر ائة القران كما انزل ودعائه الله عزوجل من حيث لا يلحن (4) وذلك ان الدعاء الملحون لا يصعد ا لى الله عزوجل (5). ويقرب منه قول الصادق (ع) نحن قوم فصحاء إذا رويتم عنا فاعربوها (6). فان كان المراد من هذين الحديثين مادل عليه ظاهرهما فكثيرا ما نرى من اجابة الدعوات غير المعربات، وكثيرا ما نشاهد من اهل الصلاح والورع ومن يرجى اجابة دعائهم لا يعرفون شيئا من النحو. وايضا إذا لم يكن دعائه مسموعا فلا فايدة فيه فلا يكون مأمورا به لانتفاء فائدته ح، ولا يتوجه الامر بالدعا الا الى حذاق (7) النحاة بل النحوي ايضا ربما يلحن في بعض الادعية لافتقارها الى الاضمار والتقدير والحذف، واستغاله حالة الدعا بالخشوع والتوجه الى الله تعالى عن استحضار ادلة النحو وقوانينه، وكل هذه الامور باطلة خلاف المشا هد من العالم (العلم) وضد المعلوم من اخبارهم عليهم السلام ووصاياهم فانهم دلوا على كل شئ يتعلق بمصالح العباد، وقد ذكروا في آداب الدعا وشروطه امورا كثيرة ستقف عليها في هذا الكتاب انشا الله تعالى (8) ولم يذكروا الاعراب ولا معرفة النحو فيها، وإذا لم يكن المراد منهما ذلك فما فعنا هما ؟ ________________________________________ (1) الحسب بفتحتين: الشرف بالاباء وما يعدمن مفاخرهم (2) الادب: حسن الاخلاق. (3) النادى والندى: المجلس. (4) اللحن: الميل عن جهة الاستفامة، ولحن في كلامه إذا مال عن صحيح النطق. (5) إليه يصعد الكلم الطيب أي يقبله (6) الاعراب بكسر الهمزة: الابانة والايضاح (7) حذق الرجل في صنعته: مهر فيها وعرف غوامضها (المجمع) (8) قد يأتي آداب الدعا في باب الرابع بتفصيله (*). ________________________________________