[ 19 ] فاعلم ايدك (1) الله انه لما كان الواقع خلاف ما دل عليه ظاهر الخبرين عدل الناس الى تأويلهما، فبعض قال: الدعاء الملحون دعاء الانسان على نفسه في حالة ضجرة بما فيه ضررها واستشهد على ذلك بقوله تعالى: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم للخير لقضى إليهم اجلهم) قال المفسرون: أي ولو يعجل الله للناس الشراى اجابة دعائهم في الشر إذا دعوا به على انفسهم واهليهم عند الغيظ (2) والضجر مثل قول الانسان: رفعني الله من بينكم. استعجالهم بالخير أي كما يعجل لهم اجابة الدعوة بالخير إذا استعجلوه بالخير لقضى إليهم اجلهم لفرغ من اهلاكهم، ولكن سبحانه تعالى لا يعجل لهم الهلاك بل يمهلهم (3) حتى يتوبوا وقال بعضهم: الدعاء الملحون دعاء الوالد على ولده في حال ضجره منه لان النبي صلى الله عليه واله سئل الله عزوجل: ان لا يستجيب دعاء محب على حبيبه. وبعضهم قال: الذى لا يكون جامعا لشرايطه والكل بمعزل عن التحقيق لان مقدمة الخبر لا تدل على ذلك لان الكلام قدورد في معرض مدح النحو. بل التحقيق ان نقول: اما الخبر الاول فالمراد من قوله عليه السلام: ان الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عزوجل أي لا يسمعه ملحونا، ويجازى عليه جاريا على لحنه مقابلا له بما دل ظاهر لفظة عليه بل يجازى على قصد الانسان من دعائه. كما سمع من بعضهم يقول عند زيارته المعصوم عليهم السلام: واشهد انك قتلت وظلمت وغصبت بفتح اول الكلمة، ومن المعلوم بالضرورة ان هذا الدعا لو سمع منه جاريا على لحنه لحكمنا بارتداده ووجوب تعزيره ولم يقل: به احد، فدل ذلك على ا ن الدعا لا يجزى (يجرى) على ظاهر لفظة إذا كان المقصود منه غير ذلك. ويدل عليه ايضا اجماع الفقها اعلى الله تعالى درجاتهم على ان الانسان (انسانا) لو قذف (4) ________________________________________ (1) الايد: الصلب والقوة يق ايدته: قويته (ق) (2) الغيظ: الغضب. يونس: 11 (3) مهلته وامهلته: انظرته. (4) قذف المحصنة: رماها بالفاحشة (المجمع) ________________________________________