[ 27 ] كيف اشتبه هذا الحال عليكم مع ظهور حجته، لقد بلينا معشر فروع النبوة والرسالة بمنازعة اهل الضلالة والجهالة، وعقولهم شاهدة لنا بقيام الحجة عليهم وقلوبهم، عارفة بأننا اصحاب الاحسان إليهم، وكان يكفيهم ان يتذكروا ما ذكرناه، من انهم كانوا عاكفين عبادة الاحجار والاخشاب ومفارقين لاولى الابصار والالباب، والمشابهين للانعام والدواب، واموات المعنى احياء الصورة، ومصائبهم عظيمة كبيرة فأحيينا بنبوتنا وهدايتنا منهم ارواحا ميتة بالغفلات، وجمعنا بينهم وبين عقول تائهة في مسافات الجهالات، وانطقنا منهم ألسنا خرسة بقيود الهدر، وانتجينا منهم خواطر كانت عقيمة بالحصا ومساوية للتراب والمدر، واخرجناهم من مطامير الضلالة، وهديناهم الى مالك الجلالة، وسقناهم بعصا الاعذار والانذار، وسقيناهم بكأس المبار والمسار، حتى خلصناهم من عار الاغترار واخطار عذاب النار، واذعنت لنا ألبابهم اننا ملوكها، وان بنا استقام سبيلها وسلوكها. فصاروا بعد هذا الرق الذي حكم لنا عليهم بالعبودية، منازعين لنا في شرف العنايات الإلهية والمقامات النبوية، ان كان القوم قد جحدوا وعاندوا فليردوا علينا ما دعوناهم إليه ودللناهم عليه، فليرجعوا الى اصنامهم وقصور احلامهم وفتور افهامهم، فان الاحجار والاخشاب موجودة، وهي اربابهم التي كانت نواصيهم بها معقودة. وتا لله لو كانوا قد اجابوا داعي نبوتنا في ابتدائه بغير قهر ولا هوان، لكان لهم بعض الفضل في فوائد الاسلام والايمان، ولكنهم اضاعوا كل حق كان يمكن ان يملكوه أو سبق كان يتهيأ لهم ان يدركوه، بانهم ما اجابونا الى نجاتهم من ضلالهم وخلاصهم من وبالهم الا بالقهر الذي أعراهم من الفضيلة بالكلية، وجعلها بأجمعها حقا للدعوة المحمدية والصفوة العلوية. فصل (2) فيما نذكره من عمل اول ليلة المحرم اعلم ان المواساة لأئمة الزمان واصحاب الاحسان في السرور والاحزان، من ________________________________________