[ 346 ] وأقبل عليهم شاب كان من خيارهم قد أوتى فيهم علما، فقال: ويحكم لا تفعلوا واذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفته فوالله انكم لتعلمون حق العلم انه الصادق وانما عهدكم باخوانكم حديث قد مسخوا قردة وخنازير، فعلموا انه قد نصح لهم فأمسكوا. قال: وكان للمنذرين علقمة اخى اسقفهم أبى حارثة حظ من العلم فيهم يعرفونه له وكان نازحا 1 عن نجران في وقت تنازعهم، فقدم وقد اجتمع القوم على الرحلة الى رسول الله صلى الله عليه وآله، فشخص معهم، فلما رأى المنذر انتشار امر القوم يومئذ وترددهم في رأيهم اخذ بيد السيد والعاقب على اصحابه فقال: اخلوني وهذين، فاعتزل بهما. ثم أقبل عليهما فقال: ان الرائد 2 لا يكذب أهله وأنا لكما جد شفيق، فان نظرتما لأنفسكما نجوتما وان تركتما ذلك هلكتما وأهلكتما، قالا: انت الناصح حبيبا 3 المأمون عيبا فهات، قال: أتعلمان انه ما باهل يوم نبيا قط الا كان مهلكم ان محمدا ابا القاسم هذا هو الرسول الذى بشرت به الانبياء عليهم السلام وأفصحت ببيعتهم واهل بيتهم الامناء، واخرى انذركما بها فلا تعشوا عنها، قالا: وما هي يا ابا المثنا ؟ قال: انظرا الى النجم قد استطلع الى الأرض والى خشوع الشجر وتساقط الطير بازائكما 5 لوجوههما قد نشرت على الأرض اجتحتها وفات ما في حواصلها وما عليها لله عز وجل من تبعة، ليس ذلك الا ما قد اظل من العذاب وانظر الى اقشعرار الجبال والى الدخان المنتشر وقزع 6 السحاب، هذا ونحن في حمارة 7 القيظ وابان الهجير 8، وانظروا ________________________________________ 1 - نازحا: بعيدا. 2 - الرائد: الجاسوس. 3 - رجل ناصح الحبيب: امين. 4 - ارب: عقل وصار بصيرا. 5 - بارائكما (خ ل). 6 - القزع: قطع من السحاب رقيقة. 7 - حمارة القيظ: شدته. 8 - الهجير والهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر. ________________________________________