[ 347 ] الى محمد صلى الله عليه وآله رافعا يده والأربعة من أهل معه انما ينتظر ماتحبيبان به، ثم اعلموا انه ان نطق فوه بكلمة من بهلة لم نتدارك هلاكا ولم نرجع الى اهل ولامال. فنظرا فابصرا امرا عظيما فايقنا انه الحق من الله تعالى، فزلزت اقدامها وكادت ان تطيش عقولهما واستعشرا ان العذاب واقع بهما، فلما ابصر المنذر بن علقمة ما قد لقيا من الخيفة والرهبة قال لهما: انكما ان اسلمتها له سلمتها في عاجله وآجله وان آثرتما دينكما وغضارة 1 ملتكما وشححتما 2 بمنزلتكم من الشرف في قومكما، فلست احجر 3 عليكما الضنين 4 بما نلتما من ذلك، ولكنكما بدهتما 5 محمدا صلى الله عليه وآله بتطلب المباهلة وجعلتماها حجازا وآية بينكما وبينه وشخصتما من نجران، وذلك من تاليكما 6، فأسرع محمد صلى الله عليه وآله الى ما بغيتما منه والانبياء إذا اظهرت بامر لم نرجع الا بقضائه وفعله، فإذ نكلتما 7 عن ذلك واذ هلتكما مخافة ماتريان فالحظ في النكول لكما، فالوحا 8 يا اخوتى الوحا صالحا محمدا صلى الله عليه وآله وارضياه ولا ترجيا 9 ذلك، فانكما وانا معكما بمنزلة قوم يونس لما غشيهم العذاب. قالا: فكن أنت يا أبا المثنى أنت الذى تلقى محمدا صلى الله عليه وآله بكفالة ما يبتغيه 10 لدينا والتمس لنا إليه ابن عمه هذا ليكون هو الذى يبرم الأمر بيننا وبينه، فانه ذو الوجه والزعيم عنده ولا تبطئن به ما ترجع الينا به. وانطلق المنذر الى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك يارسول الله ________________________________________ 1 - الغضارة: طيب العيش. 2 - الشح: البخل مع حرص. 3 - احجر: امنع. 4 - الضن: البخل. 5 - بدهه بأمر: استقبله به. 6 - التالى: التقصير والحلف. 7 - نكله عن الشئ: صرفه. 8 - الوحى: السرعة، الوحا الوحا: البدار البدار. 9 - برجيا: تؤخرا. 10 - ابتغى الشئ: طلبه. ________________________________________