[ 345 ] ذوى تخشع، فهؤلاء سجية الانبياء وصفوتهم وموضع بهلتهم، فاياكم والاقدام إذا على مباهلتهم، فهذه لكم امارة، وانظروا حينئذ ما تصنعون ما بينكم وبينه، فقد اعذار من انذر. فامر صلى الله عليه وآله بشجرتين فقصدتا وكسح 1 ما بينهما، وامهل حتى إذا كان من الغد امر بكساء اسود رقيق فنشر على الشجرتين، فلما ابصر السيد والعاقب ذلك خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبد المنعم وسارة ومريم وخرج معهما نصارى نجران وركب فرسان بنى الحرث بن الكعب في احسن هيئة، واقبل الناس من اهل المدينة مز المهاجرين والانصار وغير هم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم والويتهم واحسن شارتهم 2 وهيئتهم، لينظروا ما يكون من الأمر. ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرته حتى متع 3 النهار، ثم خرج آخذا بيد على والحسن والحسين امامه وفاطمة عليهم السلام من خلفهم، فأقبل بهم حتى أتى الشجرتين فوقف من بينهما من تحت الكساء على مثل الهيئة التى خرج بها من حجرته، فأرسل اليهما يدعوهما الى ما دعاه إليه من المباهلة. فاقبلا إليه فقالا: بمن تباهلنا يا ابا القاسم ؟ قال: بخير اهل الأرض واكرمهم على الله عزوجل، بهؤلاء واشار لهما الى على وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، قالا: فما نراك جئت لمباهلتنا بالكبر ولامن الكثر ولا اهل الشارة ممن نرى ممن آمن بك واتبعك، وما نرى هاهنا معك الا هذا الشاب المرأة والصبيين، أفبهؤلاء تباهلنا ؟ قال صلى الله عليه وآله: نعم، أو لم أخبركم بذلك آنفا، نعم بهؤلاء امرت والذى بعثنى بالحق ان اباهلكم. فاصفارت حينئذ ألوانهما وكرا وعادا الى أصحابنا وموقفهما، فلما رأى اصحابهما ما بهما وما دخلهما، قالوا: ما خطبكما ؟ فتماسكا، وقالا ماكان ثمة من خطب، فنخبركم ________________________________________ 1 - كسح: كنس. 2 - الشارة: اللباس والهيئة. 3 - متع النهار: ارتفع. ________________________________________