[ 326 ] قال: وبم، ألم تعترف له بنبوته ورسالته الشواهد ؟ قال العاقب: بلى لعمروالله ولكنهما نبيان رسولان يعتقبان بين مسيح الله عز وجل وبين الساعة، اشتق اسم احدهما من صاحبه محمد واحمد، بشر بأولهما موسى عليه السلام وثانيهما عيسى عليه السلام، فأخو قريش هذا مرسل الى قومه ويقفوه من بعده، ذو الملك الشديد والأكل الطويل، يبعثه الله عز وجل خاتما للدين وحجة على الخلائق اجمعين، ثم تأتى من بعده فترة تتزايل فيها القواعد من مراسيها فيعيدها الله عز وجل ويظهره على الدين كله، فيملك هو والملوك الصالحون من عقبه جميع ما طلع عليه الليل والنهار من أرض وجبل وبر وبحر، يرثون أرض الله عز وجل ملكا كما ورثهما أو ملكهما الابوان آدم ونوح عليهما السلام، يلقون وهم الملوك الأكابر في مثل هيئة المساكين بذاذة واستكانة. فاولئك الأكرمون الأماثل لا يصلح عباد الله وبلاده الا بهم، وعليهم ينزل عيسى بن البكر عليه السلام على آخرهم، بعد مكث طويل وملك شديد، لا خير في العيش بعدهم، وتردفهم رجرجة 1 طغام 2 في مثل أحلام العصافير وعليهم يقوم الساعة، وانما تقوم على شرار الناس واخابثهم، فذلك الوعد الذى صلى 3 به الله عز وجل على أحدكما صلى به خليله ابراهيم عليه السلام في كثير مما لأحمد صلى الله عليه من البراهين والتأكيد الذى خبرت به كتب الله الاولى. قال حارثة: فمن الاثر المستقر عندك ابا واثلة في هذين الاسمين انهما لشخصين لنبيين مرسلين في عصرين مختلفين، قال العاقب: أجل، قال: فهل يتخالجك في ذلك ريب أو يعرض لك فيه ظن ؟ قال العاقب: كلا والمعبود ان هذا لاجلي من بوح 4، واشار له الى جرم الشمس المستدير، فاكب حارثة مطرقا وجعل ينكث في الارض عجبا، ثم قال: انما الافة ايها الزعيم المطاع ان يكون المال عند من يخزنه لامن ينفقه ________________________________________ 1 - الرحرجة: من لا عقل له، الجماعة الكثيرة في الحرب. 2 - الطغام: رذال الناس. 3 - أي جعله صلة. 4 - بالياء والباء المضومة كلاهما اسم للشمس. ________________________________________